جزاءُ الإِحسان
جزاءُ الإِحسان
يحكى أنه كان في قديم الزمان فتى اسمه أمين ، عاش أمين في كنف جدته التي أحسنت تربيته بعد وفاة والديه ،
وبعد وفاة جدته أيضا ، تحمل أمين مشقة العمل وهو في عمر صغير حيث عمل في عدة متاجر داخل سوق المدينة الكبير ،
قبل أن تستقر حاله عند التاجر حمدان ، وهو من كبار التجار في بيع الأقمشة.
لكن معاملة التاجر حمدان لأمين لم تكن بالجيدة ، رغم أخلاق أمين الحسنة ،
فقد كان أمين دائم الإبتسامة وصبور رغم مشقة العمل ، وقنوعا رغم أجره القليل.
وكان العمل في متجر حمدان حافل لكثرة الزبائن التي يعجبها تعامل أمين معهم وإخلاصه في خدمتهم.
كبر أمين وذاع صيته في السوق فأغضب ذلك حمدان وطرده ليثبت أنه بلا فائدة دون العمل عنده.
حزن أمين كثيرا وذهب ليبحث من عمل آخر ، لكنه لم يجد أحد من التجار يرغب أن يعمل عنده ،
فقد أخبر حمدان تجار السوق بأن أمين لص وأنه سرق بعضاً من ماله.
حزن أمين أكثر وقرر أن يغادر السوق والمدينة وقرر أن يتوجه نحو المرفأ ليبحث عن أي عمل هناك في مدينة أخرى ،
لكن أمين لا يملك ثمن تلك الرحلة الشاقة الطويلة ، فتذكر حديث جدته عندما كانت تخبره دائما أن الصبر على الشدائد من صفات الشجعان ، ولا يجب أن ننسى الأمل.
وصل أمين لإحدى المراكب الراسية في مرفأ السفن وسأل أصحابه إن كانوا بحاجة لعامل يحمل البضائع مقابل سفره للمدينة الأخرى ،
وحين وافقوا بدأ العمل بهمة ونشاط ، وكان في المركب صبي آخر يعمل بشكل دائم يدعى ” وسيم ” ،
كان يحمل البضائع دون اكتراث ويتساقط بعضا منها على الأرض.
عندما مر مراقب المركب ورأى البضائع ملقاة على الأرض صرخ قائلا : من فعل هذا؟
سارع وسيم قائلا : إنه أمين فهو مهمل ولا يكترث لبضائع الناس.
إقرأ أيضا: قصة الملك المتجبر مع العجوز وكوخها
تفاجأ أمين بما فعله وسيم لكنه لم يتكلم ، فتمت معاقبته ، من قبل وقال له عليك أن تنظف سطح المركب كعقوبة لك.
توالت الأيام وأمين ينتظر الوصول للمدينة الأخرى وأصبح أكثر حرصا بأن لا يخطأ وسيم ويسقط بضائع التجار حين ينقلها كي لا يعاقب بدلا عنه ،
لأن وسيم كان يستغل طيبته.
وكان هناك من يراقب أمين ووسيم خلال عملهم اليومي هو صاحب البضائع التي أسقطها وسيم واتهم بها أمين.
وحين وصل المركب إلى المدينة تقدم التاجر نحو أمين قائلا له : لماذا لم تخبر مراقب المركب بالحقيقة.
فأخبره : أن جدتي علمتني أن أقابل الإساءة بالإحسان.
فأعجب التاجر بأخلاق أمين وطلب منه مرافقته ، لكن أمين اعتذر بأدب وقال له : علي أن أبحث عن عمل أجني منه المال.
أخبر التاجر الفتى أمين ، بأن يعمل لديه فهو تاجر بالأقمشة ، فرح أمين كثيرا وأخبره بمعرفته التامة بتلك المهنة ،
ومع مرور الأيام أصبح أمين ذو مكانة جيدة لدى التاجر حين رأى منه الإخلاص والتفاني بالعمل ،
وأن إبتسامته تسعد الزائرين للمتجر ، كبر أمين وأصبح من التجار المشهورين بالتواضع والأخلاق الحميدة والسمعة الطيبة.