حب وتسويق
تدخلُ الفتاة الجميلةُ المكتبةَ ، تقفُ قبالة أحد الرفوفُ و تشرع فـي اختلاس النظراتِ إلى العامل الشاب ،
الذي اِستولى على إعجابها مؤخرا ً
طويل القامة أسمرٌ بِذقن مُهملةٍ ، عفويُ الطبع في حديثه مع الزبائن و ملمٌّ بأمور المطالعة.
تغوص في الكتب بينما تعض على سبابتها مصطنِعة حيرةً أيهَا ستختار لعلها تلفتُ انتباهه ،
فيأتي لمساعدتها في هاته اللحظة يُبصرها الشابُ و يتوجه إليها بإبتسامة :
هل تحتاجينَ إلى المساعدة ؟
فتبتسم له هي الأخرى و تخبره بأنها تعجز عن إيجاد رواية جميلة وسط كل هذا الكم الهائل من الكتب المصفوفة على الرف.
يتنحنح الشابُ ويحمل رواية ، يفتحها على إحدى الصفحات و يقول هذا كتاب رائع !
و يقرأ :
الهريسة في الجزائر ، هي فلفل حار مهروسٌ يضافُ إليه الثوم والملح وبعضُ التوابل ،
حِرِّيف الطعمِ يقدم مع الأطباقِ الشهية كالشاورما ، و الهريسة في الشام كالبسبوسة في تركيا ،
وهي حلوى من السميد المُدسَّم بالسَّمن و اللبنِ الرائبِ ، يُخمَّر ثم يُخبزُ ثم يُسقَّى بالعسيلةِ و يُزينُ بالجَوزِ واللوزِ والفستقِ والبندُق.
يتوقف عن القراءة ضاحكا ً لوهلة ثم يحكُّ فروة رأسه بظفره و ينظرُ إليها نظرة غزل خجولة و يسألها : أتشعرينَ بالجوع؟
ترددُ الفتاة في سريرتها نجحت الخطة ، ها هو يدعوني على الغداء !
وتطرقُ برأسها راسمة إبتسامة خبيثة على خدين احمرَّا من أثر الخجل ثم تجيبه :
آه في الحقيقة أنا جائعة! و تضحك بلطف !
يبتسمُ الشابُ إبتسامة بلهاء و يقول لها : أترينَ ؟ هي رواية جيدة كاتبها فذٌّ إذا وصف الطعامَ شعرتِ بالجوع ،
و إذا وصف الخريفَ أصابتك نزلة برد ، سعر الرواية مئتي دينار فقط !
ثم يقلب بضع صفحات و يشرع في قراءة وصف الخريف.