حذرني كل أقربائي من خطبتها

حذرني كل أقربائي من خطبتها كون والديها يربطهما بنا معرفة قديمة فقد قالوا لي بأنها فتاة مشهورة بالفهم المعكوس ،

لدرجة أنها ببعض الأحيان تفهم التحية على أنها إهانة ، غير أنها لا تكف عن الكلام ، لكني لم أصدق كل هذه المبالغة.

كوني رجلاً نادر الكلام ، وأول منحوسٍ تقدَّم لها ؛ كانت بقمة الخجل أيام الخطوبة فلم أستطع كشفها إلا في صباح اليوم التالي لليلة زواجنا ، غَلِطْت وقلتُ لها :

لم أرَ أجمل منكِ بحياتي .

رمَقَتني بنظرة غضب ، ورَشَقتْ كلماتها بوجهي كالحجارة :

لقد بانَ وجهكَ الحقيقي ، فلقد قلتُ في قرارة نفسي أيام الخطوبة مرارا ،

لا يعقلُ أنَّ في الحياة رجلاً به هذه المواصفات الحسنة ، ولا يوجد به عيب واحد.

فلم أجد من نفسي سوى أني قلت لها مندهشا :

أعطني يدكِ لأقبّلها ، وقولي لي ما هو عيبي.

لم ترَ أجمل مني في حياتكَ ، وهذا يعني أنّكَ رجل ذا عينان زائِغَتان على هذه وتلك.

في تلك اللحظة شعرتُ كأنَّ لساني قد قُطعَ ، فخرجتُ من المنزل ولم أعد إلا في المساء ، وما إن دخلْتُ حتى قالت لي :

متى ستعتذر مني عن خروجك من المنزل في هذا اليوم وتأخرك لهذا الوقت ؟!

عندما تعتذرينَ مني عن نَعتي بذا العيون الزائغة.

إقرأ أيضا: الروائية الإنجليزية فيرجينيا وولف هي من أشهر الروائيات على مر العصور

لم يعتذر أحدنا وأمضينا أسبوعاً في خصام وكأننا متزوجون منذ عشرون سنة وعلى وشك الطلاق ،

لدرجة أننا نسينا ما حصل ، لكنها لم تنسَ أن تتوقف عن الفهم المعكوس ، فقلتُ لها ذات مرة :

أنا سأحضر لنفسي فطائر باللحم ، ما نوع الفطائر التي تحبينها؟!

لماذا تخبرني بنوع الفطائر التي ستحضرها؟! ، هل لكي لا أطلب منكَ إحضار شيئاً آخر ،

إفرض أنَّ لا رغبة لي بتناول الفطائر وأريد فراخاً مشوية ؟! ،

هذا يثبتُ أنَّ لكَ صفة أخرى وللأسف أني إكتشفتُها للتَّو وهو أنكَ بخيل.

آنذاك تعالى صراخي وأنا أقول :
ولماذا تقفينَ عند كل كلمة أقولها ، وكأنكِ تفتعلين المشاكل ،

هذا يعني أنَّ أهلكِ قد أجبروكِ على الزواج مني ، وتريديني أنَّ أكون أنا المبادر بالطلاق ،

ولكِ ما أردتِ إنتظري شهراً واحداً فقط لأجل سمعة أهلكِ أمام الناس.

خرجتُ من المنزل ، متأمّلاً أنَّ تهديدي لها بالطلاق سيجعلها تعد للألف قبل أن تفهم كلامي بالعكس.

لم أعد إلى المساء والأمل لم يفارقني بأني سأفتح معها صفحة جديدة ، لكني وجدتها قد أخذَتْ كل ثيابها بعد أن تركت لي رسالة :

من الواضح أنَّك قد شَعَرْتَ بالندم بعدَ زواجكَ مني ، ومن المؤكد أنَّ السبب هو أنك تحب إمرأة ولم تستطع أن تحبني ،

ولهذا السبب تريد أن تطلقني بعد شهر ، لكني رَحَمْتُكَ من رؤية وجهي ، وذهبتُ لبيت أهلي ،

وأنتظرْ منكَ ورقة طلاقي ، ولا تقلق على سمعة أهلي ، كونهم بعد أن يعرفوا السبب. سمعتكَ هي التي ستتشوّه.

Exit mobile version