قصص منوعة

حكاية الحطاب والقرد الجزء الثاني

حكاية الحطاب والقرد الجزء الثاني

أحس الحطاب بالحرج ، ولم يعرف ماذا سيجيب لو سأله الملك ، فهو يعرف سطوته وغضبه ، وربّما شكّ فيه ،

فلم يجد حلا سوى أن ينادي صديقه القرد وأخبره بالحكاية ،

ففكّر قليلا ، ثمّ همس له بشيء في أدنه ، فقال الحطاب يا لها من فكرة لا تخطر على بال!

وراح من حينه إلى قصر الملك ، في أبهى زينة ، ولمّا مثل في حضرته أتاه الخدم بآنية من الفضّة فيها شراب جوز الهند ،

فنظر إليه باستعلاء وقال أنا لا أشرب إلا في الذّهب يا غلام!

فزاد غضب الملك ، واحمرّت عيناه ، وصاح : أرى أن وقاحتك قد زادت عن حدّها ، بالأمس تسخر من ابنتي ، واليوم من آنيتي!

أجابه : أعزّ الله الملك إنّما ضحكت البارحة لأنّك كنت تطلب وزن الأميرة ذهبا ، وهذا لا يليق بمقامها ،

ولو كنت أنا مكانك لطلبت قصرا من الذهب تعيش فيه!

دهش الملك ، وسأله لكن هل توجد قصور الذّهب؟ أجابه : نعم يا مولاي ،

وفي القرية التي كنت أسكن فيها الناس أغنياء لدرجة أنّ الفضّة لا يشرب فيها إلا العبيد والخدم ،

فنظر الملك إلى ابنته : وقال : لقد ظلمنا زوجك ، هيّا اعتذري منه ، وهو على صواب ، فلم نعطك حقّ قدرك!

لمّا رجعت الأميرة إلى قصر زوجها ، قالت : في نفسها : ما هذا الرّجل إلاّ كذّاب ، ولقد أحرجني عند أبي ،

لكني سأنتقم منه على خبثه ، فذهبت لأبيها ، وقالت له : أطلب من ذلك الرّجل أن يحملني إلى قصر من الذهب ،

وسنرى إن كان صادقا في زعمه أم لا!

فناداه الملك ، وطلب منه تحقيق رغبة ابنته ، وإلا ضرب عنقه على كذبه ،

فجاء الحطاب إلى القرد وقال له : إني في ورطة لا مخرج منها ، فهيا نهرب قبل فوات الأوان!

لكن القرد قال له : هل تريد البقاء مع الأميرة أم لا ؟

إقرأ أيضا: عرف الإستعمار

أجاب الحطاب : إنها صغيرة وجميلة ، لكنها تشكّ في أمري ، قال القرد حسنا :

هذه المرّة سننهي شكوكها ، وسيأدّبها أبوها ، ثم قال له : هل سمعت بالمدينة الذهبية التي كان يسكنها الكهنة؟

1 3 4 10 1 3 4 10

أجابه الحطاب : ومن لم يسمع بها؟ فلقد كان بها أعظم آلهة النوبة لكنّها خرافة ولا وجود لها ،

قال القرد : هذا ما تعتقدونه ، والآن استعد أنت وامرأتك للرّحيل ، فسآتيك غدا صباحا.

جرى القرد إلى الجبال القريبة ، ودخل إلى مغارة مليئة بالقرود ، وقال لهم سآتي صحبة الحطاب وإبنة ملك النّوبة ،

وأريد الهدوء ، فهم ليسوا من الأعداء ، ولن يأخذوا شيئا من هنا.

وفي الصّباح سار جملان وسط الصّحراء ، حتى وصلا الجبل ، وطبعا كانت الأميرة تسخر طول الطريق من الحطاّب ،

ولمّا دخلت المغارة إنعقد لسانها من الدّهشة ، لقد كان هناك منجم كبير من الذهب ،

والعروق تتدلى من السقف حتى الأرض مشكّلة أعمدة ذهبية ،

وكانت الجدران الصخرية تلمع ببريق يخطف الأبصار ، أما القرود فكانت تقفز وتصيح ،

وتجيئ تحت أقدام تمثال كبير برأس أسد ، وتضع قطع الذهب والأحجار الكريمة ، حتى أصبح كومة كبيرة ،

قال الحطاب للأميرة : هل صدّقت ما قلته لك؟

والآن سأتركك في مدينتك ، وأمشي ،فترجته أن يحملها معه فلن تطيق مئات القرود التي تقفز أمامها ،

همس القرد للحطاب : مع الأسف لا يمكنك أن تأخذ شيئا من هذا المال ، فمن أقدم الزمان تحرسه القرود ،

فسأله الرجل وكيف علمت بأمر هذا المكان؟

أجاب القرد : لأني ملكها ، وقد خرجت يوما للغابة ووقعت في شباك ذلك الصياد ، وبقية الحكاية تعرفها ،

والآن سأوصلك إلى قصرك ، وأعود إلى مملكتي بعدما زوّجتك من الأميرة كما وعدتك ،

ولن تراني بعد ذلك ، أما المغارة فستسقط الحجارة من أعلى الجبل وتسدّ بابها ، ولن يدخلها أحد حتى آخر الزمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?