حكاية بائع الحكمة
حكاية بائع الحكمة
يحكى أن شابا خرج من بيته ليبحث عن رزق له ، وفي الطريق مر على متجر كبير وفي جيبه ستة قروش فقط ،
نظر الشاب إلى المتجر فرآه فارغا من البضاعة ، ووجد التاجر جالسا خلف مكتبه ، وأمامه ميزان.
سأل الشاب التاجر : ماذا تبيع ؟
قال التاجر : أبيع الحكمة.
دهش الفتى من التاجر ، وقال في نفسه : من الذي بيع الحكمة؟ يبدو أنه أبله ، ودفعه حب الإطلاع أن يسأل التاجر : أعطني حكمة.
قال التاجر : لا أعطيك ذلك قبل دفع الثمن.
قال الفتى : وما ثمنها؟
فقال التاجر : قرشين.
دفع الفتى القرشين إلى التاجر ثمناً للحكمة ؛ فقال التاجر له : “مَن أمّنك لا تخُنه ولو كنت خائناً “
أعجبت هذه الحكمة الفتى ووجد أنّها جميلة ، ثم دفع له أيضاً قرشين آخرين ليحصل على حكمة جديدة.
قال له التاجر : ” اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً “.
فهم الشاب المعنى جيدا ، وحرص على العمل به ، ودفع له آخر قرشين يمتلكهما من أجل كلمة ثالثة.
قال التاجر : ” ليلة الحظ لا تفوتها “.
سمع الشاب الحكمة الثالثة ، ولكنها لم تعجبه كثيرا ، إلا أنه لم ينسها ، وقال في نفسه : ربما تشرح لي الأيام معانيها الخفيّة.
استمر الشاب في طريقه باحثاً عن عمل له ؛ فمر على مصنع كان يملكه أحد الباشاوات الأغنياء ،
وسأله إن كان هناك عمل لديه ، أجابه فعلا ، لقد كنت أبحث عن عامل أمين ، سأجربك الأول.
وبدأ الفتى بالعمل في همة ونشاط ، وبمرور الوقت أحب الباشا الفتى ، ومنحه الثقة والإحترام ،
واعتبره ابناً له فهو لم ينجب من الأولاد أحداً من قبل.
اقترب موسم الحج ، وطلب الباشا من الشاب أن يكون بيته أمانة عنده في فترة غيابه للحج ، وأن يرعى زوجته ، وينفّذ أوامرها.
إقرأ أيضا: قصة حقيقية عن الصحبة السيئة
وفي أحد الليالي دعت الزوجة الفتى للحضور إليها ، كان وسيما ، فأقفلت الباب ورائه ،
وراودته عن نفسها وإن لم يقبل ستصرخ بأعلى صوتها ، إحتار الفتى ، لكن تذكر الحكمة التي اشتراها بقرشين
{ مَن أمّنك لا تخنه ولو كنت خائناً }
كما تذكر الحكمة الأخرى { اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً “.
فطلب من الله أن يحفظه من الشر ورفع يديه إلى السماء ، فانهار جزء من الحائط خرج منه وهو لا يصدق بالنجاة.
انتهى موسم الحج وعاد الباشا من الحجاز سالماً ، وأقبل إليه الجميع مهنئين الباشا بالحج وبالعودة إلا الفتى ، لم يظهر ذلك اليوم ، وغضب منه غضبا شديدا.
وجدت زوجة الباشا الفرصة سانحة للإنتقام من الفتى وأخبرت الزوج أن من وضع ثقته فيه قد خان الأمانة وأقفل عليها الباب ،
وراودها عن نفسها ، وعندما صرخت هرب.
لم يصدق الباشا ، لكنها قادته إلى الغرفة ، وقالت أنظر إلى الحائط هو من حطمه ليهرب.
فازداد الباشا غضبا ، وأصر على أن ينتقم منه شرّ انتقام ؛
فطلب من العمال أن يقبضوا على آخر شخص يدخل المصنع هذه الليلة ويلقونه في الفرن الملتهب.
وأخبر الباشا زوجته أن الشاب سيموت الليلة شر ميتة ،
وتهيأت الزوجة للتشفي من الشاب تنتظر سماع الخبر السعيد بالنسبة إليها.
كان من العادة أن يدخل الشاب إلى المصنع في كل ليلة متأخراً ، ولكنه وقبل أن يدخل المصنع في تلك الليلة مرت من أمامه زفة عريس ،
فتذكر الشاب نصيحة التاجر الأخيرة التي لم تعجبه في ذلك الوقت { ليلة الحظ لا تفوتها }.
رافق الشاب موكب الزفة ، واستمر مع الموكب حتى ساعة متأخرة من الليل ، فبات ليلته هناك.
إقرأ أيضا: قصة واقعية حقيقية فيها من العجب!
وفي تلك الليلة حضرت زوجة الباشا إلى المصنع ليلا ، لكي تعرف ماذا حصل للفتى ،
ولتستمتع باحتراقه وصراخه في النار ، كانت هي آخر من يدخل المصنع.
نفّذ العمال وصية الباشا صاحب المصنع ؛ فحملوها وألقوها في النار ( الفرن ) ،
وفي الصباح الباكر جاء الباشا ، وعلم أن زوجته هي آخر من دخل هناك لم يكن هناك أي لوم على العمال.
بعد فترة جاء الفتى للمصنع ، وفهم كل ما حدث ، وقف أمام الباشا الذي كان مستسلما للقدر ، وحكى له عن كل شيء.
ضرب الباشا رأسه ، لم أسأل نفسي لمذا حطمت الحائط كما ادّعت زوجتي أليس من الأسهل أن تخرج من الباب كما دخلت؟
لم ينفعها الكيد ، و ن حفر جبّا لأخيه وقع فيه.
وقال للفتى : أنت بريء والله سبحانه هو الذي أنجاك ، وهذا المصنع هو لك من اليوم.
يا حافر حفرة السوء يأتي يوم وتقع فيها.