حكاية قتيبة وأهل سمرقند

حكاية قتيبة وأهل سمرقند

ما نصر الله هذه الأمّة إلا بالعدل

في خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، كان قتيبة بن مسلم الباهلي يفتح الأمصار والأقطار لينشر دين الله في الأرض ،

وفتح الله على يديه مدينة سمرقند بإقليم بلاد ما وراء النهر.

وقد فتحها قتبية دون أن يدعوَ أهلها للإسلام أو الجزية ، ثم يمهلهم ثلاثا كعادة المسلمين ، ثم يبدأ القتال.

فلما علم أهل سمرقند بأن هذا الأمر مخالف للإسلام كتب كهنتها رسالة إلى سلطان المسلمين في ذلك الوقت وهو عمر بن عبد العزيز ، وأرسلوها مع كاهن سمرقندي.

وعندما وصل السمرقندي بالرسالة إلى مقر الخلافة واطلع عليها الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ،

أمر على الفور باستدعاء القائد قتبية بن مسلم إلى مجلس القضاء للتحقيق في تلك الواقعة.

وفي مجلس القضاء نادى الغلام : يا قتيبة (هكذا بلا لقب).

فجاء قتيبة وجلس هو والكاهن السمرقندي أمام القاضي جُمَيْع بن حاضر ، ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي؟

قال : اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعنا إلى الإسلام ، ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا.

التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة؟

قال قتيبة : الحرب خدعة وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ، ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية.

قَال القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟

قال قتيبة : لا ، إنما باغتناهم (فاجأنهم) بسبب ما ذكرتُ لك.

قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المُدَّعَى عليه انتهت المحاكمة.

إقرأ أيضا: حكاية كفى بالله كفيلا

يا قتيبة ، ما نصر الله هذه الأمة إلا باجتناب الغدر ، وإقامة العدل.

ثم قال القاضي : قضينا بإخراج المسلمين من سمرقند من جيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تُترك الدّكاكين والبيوت ،

وأنْ لا يبق في سمرقند أحد ، على أن ينذرهم المسلمون بعد ذلك.

لم يصدق الكاهن السمرقندي ما شاهد وسمع ، وعاد من فوره إلى المدينة ليخبر أهلها بما رأى في بلاد المسلمين ،

وبعد فترة من حكم القضاء سمع أهل سمرقند بأصوات ترتفع ، وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار.

فسألوا ، فقيل لهم : إنّ الحكم قد نُفِّذَ ، وأنّ الجيش الإسلامي قد انسحب.

فلم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجًا وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين ،

وهم يردّدون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله.

Exit mobile version