حكاية كفى بالله كفيلا
يحكى أن رجلين صالحين كانا يسكنان على ساحل البحر ، فأراد أحدهما أن يسافر للتجارة ، واحتاج إلى مبلغ من المال ،
فسأل الآخر أن يقرضه ألف دينار على أن يسدّدها له في موعد محدد.
فطلب منه الرجل إحضار شهود على هذا الدين ، فقال له : كفى بالله شهيدا ، فرضي بشهادة الله.
ثمّ طلب منه إحضار كفيل يضمن له ماله في حال عجزه عن السداد ، فقال له : كفى بالله كفيلا.
فرضي بكفالة الله ، مما يدل على إيمان صاحب الدين ، وثقته بالله عز وجل.
ثم سافر المدين لحاجته ، ولما اقترب موعد السداد ، أراد أن يرجع إلى بلده ، ليقضي الدين في الموعد المحدد ،
ولكنّه لم يجد سفينة تحمله إلى بلده.
فتذكر وعده الذي وعده ، وشهادةَ الله وكفالته لهذا الدين ، ففكر في طريقة يوصل بها المال في موعده.
فما كان منه إلا أن أخذ خشبة ثم حفرها ، وأخفى فيها الألف دينار ، وأرفق معها رسالة يبين فيها ما حصل له ،
ثم سوىّ موضع الحفرة ، وأحكم إغلاقها ، ورمى بها في عرض البحر ، وهو واثق أن الله لن يخيّب من توكل عليه ،
وأنّه استودع ماله عند من لا تضيع عنده الودائع ، ثمّ انصرف يبحث عن سفينة يرجع بها إلى بلده.
وأما صاحب الدّين ، فقد خرج إلى شاطئ البحر في الموعد المحدد ، ينتظر سفينة يأتي فيها الرجل أو رسولا عنه يوصل إليه ماله ،
فلم يجد أحدا ، وعندما أراد الرجوع عثرت ساقه خشبة قذفت بها الأمواج إلى الشاطئ ،
فقال في نفسه آخذها إلى بيتي وأوقد بها نارا أتدفأ عليه في هذا اليوم البارد ،
ولما قطعها بالمنشار وجد المال الذي أرسله المدين له ، والرسالة المرفقة ، فحمد الله وأثنى عليه.
إقرأ أيضا: قصة الشاب المجادل لنبيه
ولمّا تيسّرت للمدين العودة إلى بلده ، جاء بسرعة إلى صاحب الدين ، ومعه ألف دينار أخرى ،
خوفا منه أن تكون الألف الأولى لم تصل إليه ، فبدأ في توضيح عذره ، وأسباب تأخره عن الموعد.
فأخبره الدائن بأنّ الله الذي جعله الرجل شاهده وكفيله ، قد أدّى عنه دينه في موعده المحدّد.
ما خاب من توكل على الله.