حماري بدون ذيل
حماري بدون ذيل
في قديم الزمان ، كان هناك طحان فقير طيب القلب ، يحب عمل الخير وصنع المعروف ، وكان كل ما يملكه الطحان طاحونة ،
يعمل فيها نهارًا وينام ليلًا ، وكان له حمارًا يحمل له الدقيق من مكان إلى آخر.
وفي إحدى الليالي ، جاءه رجل عجوز ، وقال له : اصنع لي معروفًا يا بني ، وأطعمني
واترك لي فراشك لأنام عليه ، ولا تندم على معروفك حتى لو خسرت ذيل حمارك.
فأطعم الطحان الرجل العجوز ، وترك له فراشه لينام عليه ، ولكن ظل يفكر في كلامه الغامض ، وقال لنفسه :
ليس عندي مشكلة في أن أطعمه من طعامي أو أن أترك له فراشي ، لكن ما حكاية خسارتي ذيل حماري؟
وفي الصباح بحث الطحان عن العجوز ، فلم يجده ، فقال لنفسه : بات ورحل ، لا يهم ، لو كان يريد البقاء لبقى ،
وبدأ الطحان عمله ، ثم ذهب ليطعم حماره ، فأذهله ما رآه : وجد الطحان حماره بدون ذيل ،
فقال بانزعاج : يا خبر ، ما هذا؟ الحمار كان له ذيل بالليل ، أخذ الرجل العجوز ذيل حماري ، فهل هذا جزاء المعروف؟
أطعمه من طعامي ، وأترك له فراشي فيأخذ ذيل حماري ، يا خسارتي ، يا خسارتي.
وتمر الأيام ، وكان الطحان كلما نظر إلى الحمار ، ووجده بلا ذيل ، حزن ، وقال لنفسه : أهذا جزاء المعروف؟
وفي ليلة من الليالي كان الطحان يسير بالقرب من قصر مهجور ، وتعب من السير ،
فجلس وبعد قليل ظهر له رجل غريب الشكل ، لا يعرف من أين جاء
وقال له : اطلب مني طلبًا يريحك طول الزمان أنفذه لك ، وأطلب منك طلبا تنفذه لي ، ولا يحق لك رفضه ، ما رأيك؟
صمت الطحان لحظة ، ثم قال : موافق ، أما طلبي فهو قدر من المال يريحني طول الزمان ،
فقال الرجل الغريب : أتي لك بالمال الذي تريده في لمح البصر.
وأتى الرجل الغريب للطحان بالمال الكثير في لمح البصر ، وقال له : ها قد أتى دوري لأطلب منك ما أريد :
سوف آخذك إلى مكان بعيد ليس في الدنيا ، ولم تسمع عنه ، ولم تره من قبل ، لن تستطيع العودة منه أبدًا.
إقرأ أيضا: مجموعة من قصص جحا القصيرة والمضحكة
صمت الطحان ، وقال لنفسه : المال معي الآن ، فهل أترك الدنيا ، ولا أعود إليها ثانية؟ ما فائدة كل هذا المال إذن؟
أخذ الطحان يفكر في مخرج من هذه المشكلة ، ثم طرأت له حيلة تخلصه من هذا المأزق.
فقال للرجل الغريب : المال معي ، وسأفعل ما تريد ، سأذهب معك حيث تشاء ، ولكن اتركني أنظر إلى الدنيا للمرة الأخيرة قبل الرحيل ،
ونظر حوله ، ونزلت دموعه على خديه ، فقال له الرجل الغريب : لماذا البكاء؟ هل تذكرت شيئًا.
فقال الطحان : تذكرت أغلى ما لدي في هذه الدنيا طاحونتي ، وحماري ، فهل يمكن أن أخذهما معي؟
فرد عليه الرجل الغريب : الطاحونة لا أستطيع حملها ، وقبل أن يكمل كلامه قال له الطحان :
لكنك تستطيع حمل الحمار من ذيله.
فضحك الرجل الغريب وقال له : إذن سأحضر لك حمارك ، وأعدك ألا أخذك معي إلا بعد أن أحضره لك من ذيله ،
فقال له الطحان : اقسم بكل غال لديك ، فأقسم الرجل الغريب كما أراد الطحان وذهب في لمح البصر إلى الطاحونة ،
فوجد الحمار نائمًا ، ونظر إليه فلم يجد له ذيل يحمله منه ، واغتاظ الرجل الغريب ، كيف سينفذ قسمه الآن؟
خدعه الطحان ، فترك الرجل الغريب الحمار ، وعاد إلى الطحان ، وقال له : خدعتني ، وأنا الذي لم يخدع من قبل ،
أردت أن أخدعك ، فخدعتني ، ونلت ما تريد ، واختفى الرجل الغريب ، وفرح الطحان نجاح حيلته ،
وتذكر كلام الرجل العجوز : لا تندم على معروفك حتى لو خسرت ذيل حمارك.