حنان البنت على أبيها
يحكى ﺃنه ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﺇﺣﺪى ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ على ﻗﺪﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍلأﺩﺏ،
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻼﻣﻴﺬها ﻭﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ،
ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﺗﻔﺎجأت ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻮﻗﺔ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺇﺣﺪى ﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻬﺎ،
ﺣﻴﺚ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﺪﻳﻘﺘﻬﺎ إلى المكتب ﻗﺎﺋﻠﺔ : ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺳﺆﺍﻝ ﺷﺨﺼﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻚ ﻣﺎﻧﻊ ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺔ : ﺗﻔﻀﻠﻲ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻱ ﻣﺎﻧﻊ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ، ﻓﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺻﺪﻳﻘﺘﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ : ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺘﺰﻭﺟﻲ
حتى ﺍﻵﻥ على ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻚ ﺗﺘﻤﺘﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮﻗﺔ ﻭﺍﻟﻨﻌﻮﻣﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻚ ﻣﺜﻘﻔﺔ ﻭﺫﺍﺕ ﺧﻠﻖ ﻭﻳﺘﻤﻨﺎﻛﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ .
ﻓﻜﺮﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺔ ﻗﻠﻴﻼً ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ : ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺧﻤﺲ ﺑﻨﺎﺕ ﻓﻬﺪﺩﻫﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺇﻥ ﻭﻟﺪﺕ ﺑﻨﺖ ﺃﺧﺮﻯ ﺳﻴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻳﻄﻠﻘﻬﺎ
ﻻﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﻭﻟﺪ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻮﻋﺪ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻥ ﺗﻠﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﻨﺘﺎً أخرى،
ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ، ﻭﻋﻨﺪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺮﺟﻞ إلى ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻮﺟﺪ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ﺃﺣﺪ،
ﻓﺄﺣﻀﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺍلى ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﺎﺧﺬﻫﺎ ﻭﻳﻀﻌﻬﺎ ﺍلى ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻳﺠﺪﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ .
ﻣﺮﺕ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ على ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﻟﺪﺗﻬﺎ ﺗﻘﺮأ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺗﺪﻋﻮ ﺃﻥ ﻳﺤﻔﻈﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ،
ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻣﻞ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻘﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺤﻀﺮﻫﺎ ﻭﻻ ﻳﻌﻴﺪﻫﺎ ﺇلى ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ،
ﻓﺮﺣﺖ ﺍﻻﻡ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺍطمأن ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻭﺷﻜﺮﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎلى، ﻭﻟﻜﻦ ﺣﻤﻠﺖ ﺍلأﻡ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻓﻌﺎﺩ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ إﻟﻴﻬﺎ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺯﻗﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺑﻮﻟﺪ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﻜﺒﺮى ﻗﺪ ﻣﺎﺗﺖ، ﺛﻢ ﺣﻤﻠﺖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ أﻧﺠﺒﺖ ﻭﻟﺪ ﺁﺧﺮ،
إقرأ أيضا: قصة عن فعل المعروف
ﻓﻤﺎﺗﺖ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍلأﺻﻐﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺒﺮى ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ،
ﻭﻫﻜﺬﺍ حتى ﻭﻟﺪﺕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺧﻤﺲ ﺃﻭﻻﺩ ﻭماتوا ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ،
ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻷﺏ أﻥ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ .
ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻮﻓﻴﺖ ﺍﻷﻡ ﻭﻛﺒﺮﺕ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻭﻛﺒﺮ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﺟﻤﻴﻌﺎً،
ﺳﻜﺘﺖ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺔ ﻟﺤﻈﺔ ﺛﻢ ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻓﻲ ﺣﺰﻥ ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ : ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ؟
ﻟﻢ ﺗﺠﺐ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺔ على ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ عرفت ﺍلإﺟﺎﺑﺔ، فأﺟﺎﺑﺖ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺔ ببساطة : ﺇﻧﻬﺎ ﺃﻧﺎ،
ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻟﻢ ﺃﺗﺰﻭﺝ حتى ﺍﻵﻥ، ﻷﻥ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻦ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ أﺣﺪ ﻳﺮﻋﺎﻩ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ،
ﻭأﺧﻮﺍﺗﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﻳﺰﻭﺭﻭﻧﻪ ﻣﺮﺓ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﻭأﺣﻴﺎﻧﺎً ﻛﻞ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻷﻧﻬﻢ ﻣﺘﺰﻭﺟﻴﻦ
ﻭﻟﺪﻳﻬﻢ مسؤولياتهم ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ،
:ﺃﻣﺎ ﺃﺑﻲ ﻓﻬﻮ ﺩﺍﺋﻢ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻧﺪﻣﺎً على ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻲ ﻳﻮﻣﺎً .