خاطرة إيمانية على خطى الرسول
أتزوجت!
يقول جابر بن عبد الله : كنت مع النبي صل الله عليه وسلم في غزوة ، فأبطأ بي جملي ،
فمررت على النبي صل الله عليه وسلم فقال : جابر
قلت : نعم.
فقال : ما شأنك؟
فقلت : أبطأ بي جملي ، فتخلفت.
فنزل النبي صل الله عليه وسلم عن راحلته ، وجعل يدفع جملي بيده ، ثم قال لي : إِركَبْ!
فركبتُ، فقال لي: أتزوجت؟
قلت : نعم.
قال : بكرٍ أم ثيِّباً؟ والثيب التي سبقَ لها الزواج من قبل فهي إما مُطلقة أو أرملة.
قلت : بل ثيبا.
فقال : أفلا جارية تُلاعبها وتلاعبك ، وتُضاحكها وتُضاحكك.
فقلت : إنَّ أبي ماتَ وتركَ سبع بنات ، وإني كرهتُ أن أجيئهنَّ بمثلهن ،
فأحببتُ أن أتزوج إمرأةً تجمعهنَّ وتمشطهنَّ وتقوم عليهنَّ.
فقال : باركَ اللهُ لكَ. متفق عليه
ثم قال لي : أتبيعُ جَملك؟!
فقلت : نعم.
فاشتراه مني بأوقية من فضة.
ثم وصل النبي صل الله عليه وسلم إلى المدينة قبلي ، ووصلتُ في المساء ،
فجئنا إلى المسجد ، فوجدته بباب المسجد ، فقال لي : الآن قدمتَ؟
قلتُ : نعم.
فقال : دَعْ جملكَ وادخُلْ فصَلِّ ركعتين.
فدخلت ، فصليت ، وأمرَ بلالاً فوزنَ لي أوقية من فضة ، فأخذتها ، فلما انصرفتُ ، نادى علي وقال: خُذْ جملكَ ولكَ ثمنه!
يُعلمنا النبي صل الله عليه وسلم درسا بليغا من دروس الحياة ، وهو أن نفسية البنت البكر ،
إقرأ أيضا: حكم وضع المرأة لصورة لها أو لغيرها كصورة رمزية
الصغيرة في السِّن أنفع للزواج ، لأنَّ فيها إقبالاً على الحياة والزواج ليسا في المرأة الثيب ،
التي عادة ما أن يكون لها أولاد فهي مشغولة بهم ،
أو مكلومة من الحياة من طلاق سبقته حياة عسيرة ، وضرر قد يدفع الزوج الجديد ثمنه!
ويُعلمنا جابر درسا بليغا أيضا ، وهو أن يُقدِّر كل إنسان ظروفه ، ويتصرف على هذا الأساس ،
وقد أحسنَ إذ تزوج إمرأة ثيبا ، لأنه لو أحضر إلى البيت فتاة صغيرة بعمر أخواته اللواتي يقوم على تربيتهن لضعن ،
ولفرَّط في هذه الأمانة ، وأكثر ما أعجب منه أن الرجل إذ ماتت زوجته ،
أو حصل بينهما طلاق سعى للزواج بفتاة بعمر بناته وهُنَّ معه ، وهذا إن لم يكن حراماً بلا شك ، إلا أنه ليس فيه شيء من فقه الحياة!
ثم انظروا إلى جبر الخواطر ، جابر رجل فقير ، وقد تزوج ، وقد أراد النبي صل الله عليه وسلم أن يُعينه ببعض المال ،
بالمقابل أراد أن يحفظ له كرامته ، فاشترى منه الجمل ، ثم أعطاه ثمنه ، وأعاده إليه ،
يوجد ألف طريقة لمساعدة الناس دون جرح كراماتهم ، فتخيروا طرق العطاء.