خطيبي ليس مناسب
قالتها إبنتي قبيل الزواج بشهرين وسط تجمع العائلة فساد الصمت تماما ، لكن إنتفضت من مكاني وأنا أسألها :
لم ؟ هل تودين فسخ الخطبة الآن ! يا حسرتي عليك تريدين أن يتشمت بنا الناس !
إنهمرت دموعها وقالت : لكنه بخيل جدا بمشاعره لا يسأل حالي ، لا يهتم لأمري ،
لا أشعر بأي فرحة حيال زيارته الأسبوعية ، سينضب عمري حزنا لو أكملت.
قلت بحسم : بعد الزواج سيتغير ويصبح أفضل.
حاولت أخواتي وأمي التدخل لكن أخذت إبنتي في غضب وانصرفت سريعًا من بيت العائلة إلى بيتي ،
ولم أكف عن توبيخ إبنتي طول الطريق ، كما لم تكف هي عن البكاء وقد صرحت بمشاعرها أمام أهلي ،
ليقنعوني بالعدول عن هذه الزيجة لكن لم أسمح لهم بالتدخل ،
فأنا أراه شخصا مناسبًا لها وما تلك سوى أعذار غير كافية ، فكل شخص فيه عيوب.
قُبيل عقد القران بشهر جاءت إبنتي وأنا أجلس مع والدها نشرب القهوة وقالت : لا أريد الزواج منه.
نظر والدها نحوي بتعجب وهو يسأل :
لم ؟
قالت : لا يسمح لي بمشاركته في اختيار أي شيء يخص شقتنا ،
يفرض علي كل شيء ، وحين أحاول أن أبدي الرأي يصرخ علي ثم ينهي الكلام.
قال زوجي : رجل هو ومن حقه أن يفرض رأيه ، كما أن هذا ليس سببا أبدا في فسخ الخطبة ، إعقلي يا ابنتي.
تركتنا إبنتي في عصبية شديدة وسمعت صوت تنهداتها وهي تشرع في البكاء ، قلت لزوجي :
هذه الفتاة شديدة الدلال لا تأخذ بكلامها ، خطيبها مناسب رجل يعمل بوظيفة مرموقة ،
من عائلة كبيرة له شكل وسيم وهيئة محترمة ، ماذا ستجد أفضل من هذا.
أشار لي زوجي بإيماءة تعني الموافقة على كلامي وأكملنا مُشاهدة الفيلم.
تم الزواج وانتقلت إبنتي لبيت زوجها لتبدأ حكاية كانت واضحة منذ البداية !
إقرأ أيضا: عاشت سيدة فرنسية في الجزائر واعتنقت الإسلام
في نهاية الأسبوع الأول إتصلت ابنتي تبكي أن زوجها أبرحها ضربا لأنها تأخرت في تقديم الغداء ،
بينما كانت منشغلة هي في غسل الملابس وأعمال البيت التي لا تنتهي ، قلت لها :
أنت مُخطئة ولا غُبار عليه ، نظمي يومك وأنجزي كل شيء في موعده.
على مدار أشهر السنة الأولى من زواجها كان هذا حالها وكلما إتصلت بي تشكو حالها ، وأؤيده بينما تبكي وتغلق الخط ،
حتى قلّت إتصالاتها تمامًا ، كلما أخذها من يدها وطلب منها المكوث في بيتنا ،
أظن أنا الأخرى أوبخها بشدة وأنها المتسببة في خراب حياتها ولو طلقها لعاشت منبوذة في مجتمعنا.
رغم أن المسكينة كانت تقوم بكل الواجبات لكنه كان يفرغ كل ضغوط عمله وأهله عليها ،
ثم أخذها وأعود بها لبيته وأجعلها تعتذر منها ،
ويزداد هو قسوة وعصبية على كل صغيرة وكبيرة ،
أنجبت وزادت الأعباء في وجود الصغير لكنه زاد هو الآخر ،
فهو يضمن وجودها لأنه كلما أعادها إلينا أعدناها دون كرامة أو حساب لأفعاله معها.
حتى ذات يوم بينما نجلس في بيتنا نُشاهد التلفاز ،
دقّ الهاتف وليته ما دقّ ، كان المتصل ضابط الشرطة يطلب حضورنا لشقة إبنتي !
كانت الصدمة والكارثة الكبرى قتلها ! ، قتلها غضبا وعصبية أمام أعين صغيرها ،
بينما يضربها أمسك برأسها وصدمه بقوة في الحائط فلفظت أنفاسها على الفور!
كان يجلس بجانبها باكيًا وهو يردد :
لم أقصد ، كان الشيطان يعمي عيني فلم أفق إلا وهي جثة هامدة.
إقرأ أيضا: لا تكسروا الخواطر قصة حقيقية
لم يكن يصلي وقد حاولت مرارا أن تجعله يلتزم فحتما قربه من الله سيجعله هادئ ويتقي الله فيها لكنه لم يسمع لها أبدًا ،
واعتقدنا أنه سيتغير مع الوقت ، بكينا وانقهرنا ونحن نراها هكذا ،
لم يُقدم لها أحدًا يد العون ، لم نحافظ عليها وكان معها كل الحق ، لم تخطئ حبيبتي أبدًا ،
ولم يكن ذنبها إلا أنها إبنة أم وأب لم يحفظوا لها حقوقها حتى ضاعت الحقوق وضاعت هي.
من الخطأ إجبار بناتنا على الإستمرار بالخطبة والزواج لمجرد الخوف من كلام الناس ،
يجب أن نتحرى الدقة في إختيار الشخص المناسب الملتزم ، ألا نجبرهم على تحمل الخطأ ،
ألا نرمي على عاتقهن كل المسؤولية ونتهمهن أنهن المخطئات لمجرد ألا ينفصلن ،
من الخطأ ألا نحفظ حقوقهن منذ اليوم الأول ، أن نضع حدودا لمن يتعداها حتى لا يتكرر أمر الإعتداء على حقوقهن.