خليل الرحمن
قال العلماء : قبل إلقاء سيدنا ابراهيم في النار كان عمره 16 سنة.
قام الفجار بإلقاؤه في نيران أشعلوها 30 يوما ، لدرجة أن الطيور هجرت الأشجار خوفا من لفح النيران!
فقال القرآن الكريم عنها : ﴿ فألقوهُ في الجحيم ﴾
فنزل إليه سيدنا جبريل قائلا له : لو أمرتني لأطفئت النار وأهلكتهم جميعا؟
فرد عليه سيدنا إبراهيم قائلا : ( عالم بحالي ، غني عن سؤالي )
كان أعزلا وحيدا ، ولكن قلبه كان يطوف حول عرش الرحمن ، فصغرت الأهوال والنيران التي تذيب الجبال أمام عينيه ،
لأن العناية الإلهية حينما تحيط أهل الإيمان تجعل المستحيل ممكنا ، وتحول العذاب بلسما ،
وتقلب المحنة إلى منحة ، وتغير النقمة إلى نعمة.
وأخذ الخليل يردد ( حسبنا الله ونعم الوكيل )
وهي كلمات تخترق الحجب لتصعد تحت عرش الرحمن ، فحدثت المعجزة!
فمكث إبراهيم في النيران 7 أيام ، ولما هدأت النار وجدوا سيدنا إبراهيم فوق ربوة خضراء يسبح بحمد مولاه ،
ولم تحترق إلا القيود فقط!
قال سيدنا إبراهيم بأن هذه الأيام أفضل أيام حياتي لأني كنت في عناية الله.
لذلك وصفه القرآن العظيم بقوله : ﴿ إنَّ ابراهيمَ كان أمّةً قانتاً للهِ حنيفاً ﴾
وقال العلماء : إن إبراهيم أصبح “خليلاً للرحمن” حينما تحمل من البلاء الألوان ، وحين جعل قلبه معلقاً بخالق الأكوان.
فترك إبنه وزوجته في صحراء جرداء لأنه يوقن برحمة رب الأرض والسماء.
وحين أمره الله بذبح إسماعيل لم يتردد ، وأدار السكين على رقبة ابنه ، ولكن تدخلت عناية الله.
فأراد “الخليل” أن يذبح ، وأراد “الجليل” ألا يُذبح.
إقرأ أيضا: صَّدِقْ إِذاً
فاجتاز سيدنا إبراهيم كل إختبارات التضحية والفداء فحصل على درجة خليل الرحمن.
حينما أثبت فعليا أن الله تعالى أحب إليه من روحه وولده ، فحصل على الرفعة في الدنيا والآخرة ،
وصارت النبوة في ذريته من بعده ، والتي اكتملت بمجيء مسك الختام ،
ودرة الجنس البشري كله حبيب الرحمن محمد صل الله عليه وسلم.
وبعد مرور السنوات جاءه “ملك الموت” ليقبض روحه ، فقال له الخليل إبراهيم : هل رأيت خليلا يُميت خليله؟!
فأوحى إليه الله تعالى : وهل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله؟!
فتبسم الخليل إبراهيم عليه السلام واستعد للقاء ربه بأن أمر أولاده بالبقاء ثابتين على طريق الإيمان ،
ونشر الدين ، والخوف من رب العالمين.