خواطر الهجرة بين الأمل والعمل
النبي في مكة مطارد حلال الدم عند أهلها ، وحفل الإستقبال يُعَد له في المدينة ،
(وراء الغيوم كثير مطر.)
النور الذي ترفضه مكة تنتظره المدينة بشغف ،
كم من البلدان التي لو بذل فيها معشار ما بذل في غيرها لآمنت جميعها؟!
(ما أكثر المدن ، ولكن ما أقل المهاجرين؟!
الأخوَّة قبل الهجرة ، والرفيق قبل الطريق ، والأنيس قبل الغار.
الطريق موحشة بغير ما صاحب ، حتى ولو كان المهاجرون أنبياء.
(ليتنا نعض على كل أبي بكر رزقنا الله أخوته بالنواجذ!).
رغم أنه مؤيَّد بالوحي ، إلا أنه خطط للهجرة بإحكام ، لا مكان للسذاجة وأنت تعامل خبثاء الأرض!
خطط لدعوتك ولو كنت نبيا!
وقبل أن يخرجه قومه كان قد استنبت للإسلام شجرات في الحبشة والمدينة وغيرهما ،
(فالنور قبل أن يحاصَر يرسل ألف شعاع بديل).
يشاء الله أن يحمي ظهر النبي الكريم وقت هجرته وشدته رجل من ضعفة القوم كعامر بن فهيرة ،
وإمرأة أبوها مطارد كأسماء بنت الصديق.
فالكل في العمل للدين وقت حصاره له قدر وقيمة ، المهم ألا يستصغر المرء أو يستقلَّ نفسه.
يقدمون مائة ناقة لمن يدل عليه ، ودليله رجل من المشركين يرفض نوقهم مكتفيا بأجرته من الدراهم القليلة ،
لولا أهل المروءات لهلك الناس وفسدت الأرض!
بعد خروجه بسنوات قليلة قُتِل جُلُّ من أخرجوه ، الطغاة يستعجلون هلكة أنفسهم!
“وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون”
إقرأ أيضا: مكارم الأخلاق
لما هاجر إلى المدينة همَّ أصحابه في الحبشة أن يرجعوا ،
لكنه استبقاهم هناك بعدها سبع سنين.
فالهجرة سعي موازٍ لاستنقاذ الناس ودلالتهم على الله ،
ليت المهاجرين يتوقفون عن ترفهم الدعوي ومجانية هجرتهم ، فالهجرة نور للدروب لا فرار وهروب.
اصدق الله في هجرتك وسيكفيك الله أمر كل سراقة!
لا تخف ، فبعد كل مرحلة تقطعها في سبيل الله خيمة لأم معبد تنتظرك باللبن والماء والظل ، لن يضيع الله باذلا في سبيله!
لكل أبي جهل حد في التعقب والإيذاء ، لكن لطف الله لا حدود له.
الهجرة حدث متكرر ما بقي أتباع الفريقين ، فالهجرة رمز قبل أن تكون حدثا.