خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ ، فيه خُلِقَ آدَمُ ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ ، وفيهِ أُخْرِجَ منها ، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ.
مِن حكمة اللهِ تعالى أن فضل بعض مَخلوقاتِه على بعض ، ومِن ذلك تَفضيلُ بعضِ الأيَّامِ على بعض ،
مِثلُ تَفضيلِ يومِ عرفة ، وليْلةِ القدر ، ويوم الجمعة ، ولكلِّ وَقتٍ منهم فضْلُه المختلِفُ عن غيرِه.
وفي هذا الحَديثِ ، يُخبِرُ النبي صل الله عليه وسلّم أنّ خير يوم مِن أيَّامِ الأُسبوعِ طَلَعَتْ عليه الشَّمسُ ، هو يَومُ الجُمعَة.
ومِن خَصائصِ ذلك اليومِ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خَلَقَ فيه أبا البَشرِ آدَمَ عليه السلام ،
وفيه أَسْكَنه اللهُ عزَّ وجلَّ الجنة ، وَفيهِ أُخرِجَ آدَمُ وزَوجتُه مِنَ الجنَّةِ وهَبَطَ إلَى الأَرضِ لِلخِلافةِ فيها ،
وخُروجُه منها هو خُروجُ العائدِ لها ؛ لأنَّ الجَنَّةَ هي في الأصلِ مَسكنُه ؛ لأنَّ اللهَ تعالىَ قال : {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] ،
ويومُ خُروجِه عليه السَّلامُ مِن الجَنَّةِ هو يومُ خِلافتِه في الأرضِ ونُزولِه لها.
ولا تَقومُ السَّاعةُ -أي: يَومُ القِيامةِ- إلَّا في يَومِ الجُمعةِ بيْنَ الصُّبحِ وَطُلوعِ الشَّمسِ.
وذِكرُ هذه الأَحْداثِ العِظامِ وهذِه القضايا المَعدودةِ الَّتي وقَعَتْ في يَومِ الجُمُعةِ ؛
قيل : ليْستْ لذِكرِ فَضيلتِه ؛ لأنَّ ما وقَعَ فيه مِن إخراجِ آدَمَ وقِيامِ السَّاعةِ لا يُعَدُّ مِن الفَضائِل ،
وإنَّما هو تَعظيمٌ لِمَا وقَعَ فيه وما حدَثَ فيه كبِدايةٍ للخَلقِ ونِهايةٍ له.
وقيل : بل هي مِن الفَضائِلِ ؛ لأنَّ خُروجَ آدَمَ مِن الجنة هو سبب الذُّريَّةِ وهذا النَّسلِ العَظيمِ ، ووُجودِ الرُّسلِ والأنبياءِ والأولياء.
إقرأ أيضا: وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
ولأنَّ لأحداثِ السَّاعةِ شأنًا عَظيمًا ؛ فهي سَببٌ لتَعجيلِ اللهِ وعْدَه لأهلِ الإيمانِ ، ووَعيدَه لأهلِ الكفر ،
وظُهورِ جَزاءِ النَّبيِّينَ والصِّدِّيقين والأولياءِ وغيرِهم ، وإظهارِ كَرامتِهم وشَرفِهم ؛
ففي يومِ القِيامةِ تَرتفِعُ راياتُ المسلمينِ تَصديقًا لإيمانِهم.
وفي الحَديثِ : فَضيلَةُ يَومِ الجُمعَةِ عَلى سائِرِ الأيَّامِ.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : مسلم.
المصدر : صحيح مسلم.