إسلام

دعوة الرسول بتمزيق ملك كسرى

دعوة الرسول بتمزيق ملك كسرى

دعى رسول الله صل الله عليه وسلم على كسرى أن يمزق الله ملكه ، لكن هل تعرفون كيف كان التمزيق؟

سنة 628 م إستلم كسرى ( خسرو الثاني ) رسالة النبي صل الله عليه وسلم ، وقام بتمزيقها ،

وكان في تلك الأيام يعيش فترة ذل ، وحنق ، وغيظ. فكل إنتصاراته السابقة تتهاوى أمام جيوش الروم.

في تلك الفترة كان هرقل إمبراطور الروم يشن الحملة المضادة ضد الفرس ويمنيهم بهزائم ساحقة مذلة الواحدة تلو الأخرى ،

في مصر ، في الأناضول ، في سوريا ، وفي العراق ، لم يكتف باستعادة الأراضي التي إحتلها الفرس.

خلال فترة غلبت الروم ، في أدنى الأرض قبل سنوات قلائل ، بل قام يستولي على مدن فارسية خالصة متوجها نحو عقر دارهم المدائن ،

كيف لا ، والوعد القرآني يقول: وهم من بعد غلبهم سيغلبون ، في بضع سنين.

افتتحت النهاية ، فلما بلغ خبر تمزيق الرسالة إلى النبي صل الله عليه وسلم ، قال : مزق الله ملكه.

مع تقدم الجيوش الرومية وتقهقهر الفرس ، هرب كسرى الجبان إلى مدينة دستغرد بالقرب من بغداد.

واختبأ هناك بدون أن يعطي أي دلائل على أنه سيواصل الحرب أو يحاول إستعادة كرامة الفرس المهدرة.

وعلى أثر حنقهم وغضبهم من هزائمه المتواصلة ، قام وزراء الفرس بتحرير ابن كسرى قباذ الثاني ،

الذي سجنه كسرى إثر خلاف بينهما ، ونصبوه ملكا ،

أول شيء فعله قباذ هو إلقاء القبض على أبيه ، وحبسه في قبو تحت الأرض ،

ولمدة أربع أيام كان كسرى يموت شيئا فشيئا من الجوع والعطش ،

حتى جاء اليوم الخامس وتم إعدامه بإطلاق السهام عليه ببطء ، من بداية اليوم حتى نهايته.

مات كسرى أبشع ميتة خلال أشهر من الرسالة ، عانى فيها الهزيمة على يد الروم ،

وذلة الهرب والإختباء ، ثم خرج إبنه عليه وقهره وسجنه في قبو حقير ،

ثم رمى عليه السهام ومن ثم ذبحه ، فهل إنتهى التمزيق؟ لا!

إقرأ أيضا: أقسم أن لا يغير ملابسه ولا يضحك ولا يأكل

قباذ ، وبعد أيام من توليه عقد صلحا مذلا مع هرقل ليتجنب سقوط المدائن ،

1 3 4 10 1 3 4 10

وتعهد بإخلاء جميع الأراضي الرومية وغير الرومية ، بل وأرجع إليهم الغنائم والتحف التي إستولوا عليها قبل بضع سنوات فقط.

ثم قام بقتل جميع إخوانه الذكور الثمانية عشر حتى يوطد أركان ملكه ،

نعم إبن كسرى قتل ثمانية عشر من إخوانه أبناء كسرى في يوم واحد.

هل نجى هو من التمزيق؟ لا!

خلال أشهر من توليه العرش مات قباذ
من بداية تمزيق الرسالة ، وذبح كسرى وذبح أبناءه على يد كبيرهم ،

وموت هذا الإبن ، كل هذا حصل في فترة سنة واحدة فقط ما بين 628 و 629.

بعد موت قباذ المفاجئ لم يكن هناك إلا إبنه ذو السبع سنوات أردشير الثالث ،

نصبوه ملكا ، ثم بعد سنة ونصف فقط تم قتل هذا الطفل حفيد كسرى على يد الجنرال شهربراز.

هذا الشهربراز كان حانقا على كسرى وقباذ ، لأنه كان يعزو لنفسه الفضل في الإنتصارات القديمة التي لم يحافظ عليها كسرى بسياسته الغبية ،

مما استتبع الهزيمة المذلة في هجمة الروم المضادة ، وضياع كل ما حققه من إنتصارات ،

وعندما عقد قباذ الصلح وأرجع كل شيء للروم إنخرط الجنرال الحانق في مؤامرات ودسائس إنتهت بقتل الحفيد ، ونصب نفسه ملكا.

ها هو الجنرال الناجح قد رجع وصار ملكا ، ونحّى العرق الكسروي الفاسد عن العرش ، فهل سيخرج الفرس من التمزيق؟ لا!

فبعد سنة واحدة فقط ، أي عام 630 ، تم نحر هذا الجنرال في الإيوا ،

وتنصيب إبنة كسرى براندخت ملكة على فارس.

هذه الملكة حاولت باستماتة إعادة ملك الأجداد ، من خلال عقد المصالحات مع الروم والقيام بإصلاحات داخلية ،

كلها فشلت فشلا ذريعا في إعادة الإستقرار إلى المدائن ، وتم ذبحها بعد سنة واحدة فقط ، عام 631.

إقرأ أيضا: كان النبي صل الله عليه وسلم يحرص على توضيح أمور الدين

طبعا الآن فارس تعيش فوضى عارمة ،خلال أقل من أربع سنوات يتبدل فيها الملوك ويقتلون بعضهم ودسائس في القصر ،

وفوق كل هذا إذلال رومي يخيم عليهم.

تولت إبنة كسرى الثانية أزمريدخت العرش بعد أختها ، وللخروج من حالة الفوضى ،

إقترح عليها أحد الجنرالات واسمه : فروخ ، إقترح عليها أن تتزوجه محاولة فاشلة لتوطيد العرش والخروج من التمزيق ،

لكنها رفضت وقامت بقتله.

فجاء إبن ذلك الجنرال رستم بن فروخ زاد ، الذي سينهزم في القادسية وحاصر المدائن بجيشه وقبض على الملكة ،

وقام بفقء عينيها ، ثم قتلها ، كل ذلك حصل خلال أشهر من توليها العرش , أيضا عام 631.

ثم جاء هرمزد الرابع , وهو ليس من سلالة كسرى بل من إحدى العائلات النبيلة ،

واستغل الوضع ونصب نفسه ملكا في أحد الأرجاء ، واستتبعه عدة من الطامحين في العائلات النبيلة في مناطقهم كل هذه الفوضى والتمزيق حصلت خلال خمس سنوات فقط من موت كسرى!

هل إنتهى التمزيق؟ لا!

إذ تم تنصيب حفيد آخر لكسرى ، هذا الحفيد هو يزدجر الثالث آخر ملوك فارس.

كان يزدجرد ممن نجا من سيف عمه حين قتل إخوته وهربوا به إلى بعض القرى وأخفوه.

نصبوه في 632 ، وهو مراهق في السادسة عشرة ، وقائدا جيشه هما رستم الذي فقأ عيون عمته ثم ذبحها وفيروز.

وهذين الإثنين كان بينهما مشاحنات وخصام ، لكنهما إتحدا من أجل الملك الجديد ،

من أجل إعطاء أمل للنهوض ظنوا أنهم سينجون بذلك التوحد وإذا بسنابك الجيوش الإسلامية تدق أبواب فارس.

إبتدأ الهجوم على الأراضي الفارسية بعد سنة واحدة من تنصيب المراهق ، أي في 633 ، واستمرت ثلاث سنوات.

إقرأ أيضا: التحاكم لغير شرع الله

خلالها حاول يزدجر عقد حلف مع الروم ، مع هرقل “ذاته” ،

الذي أذل جده وعمه ، لأجل محاربة عدوهما المشترك الخلافة الإسلامية.

ورغم أن هرقل وافق على التحالف إلا أن الحلف باء بالفشل بسبب غباء يزدجرثم بعد ثلاث سنوات فقط ، عام 636.

معركة القادسية فيها تم نحر الفرس مع أفيالهم ، والمسلمون يتقدمون نحو المدائن ،

يزدجر هرب واستمر يهرب من مقاطعة فارسية إلى أخرى من قرية إلى قرية لمدة خمسة عشر سنة.

في سنة 651 لجأ يزدجر إلى مقاطعة ميرف من خراسان.

وكان يحكهما ماهوي الذي خسر أبناءه في حروب الفرس الفاشلة ،

ويحمل في قلبه كما هائلا من الحقد والضغينة ضد كسرى وسلالته ،

يحملهم كامل المسؤولية عن الهزائم وفقده لأبناءه وسينتقم بذبح آخر سلالة كسرى.

أرسل ماهوي طحانا إلى مقر إقامة يزدجر وعاجله بطعنة سكين في بطنه ،

ثم جرده من ملابسه ومجوهراته وتركه يصارع الموت عاريا.

وهكذا مات آخر ملوك الفرس ، مطعونا في بطنه عريان ، كما مات جده تحت السهام ذليلا ، مقهورا وعطشان.

وبين الإثنين ، لا تنس الإغتيالات وذبح الأطفال والإخوان ، ولا تنس الملكة المذبوحة وأخرى مفقوءة العينان.

ثماني سنوات فقط من تمزيق الرسالة إلى سقوط فارس عن بكرة أبيها بعد أن تفتت داخليا تفتيتا يستحيل فيه النهوض ،

أو تنظيم مقاومة أو أي شيء وهروب ملكها الأخير المتواصل من مقاطعة لأخرى أضاف عليها 15 سنة.

يهرب من شعبه الحاقد عليه الذي يعتبره وسلالته لعنة نزلت بهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?