رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
الإنتكاسة : نعوذ بالله منها.
لا تظنّوا أن الإنتكاسة هي حلق اللحية ؛ أو نزع الجلباب ، وخلع القميص فقط؟
الإنتكاسة هي أن تنكر ما كنت تعرف ؛ وتعرف
ما كنت بالأمس القريب تنكر ،
وتستبيح وتفعل ما كنت تنهي عنه ، وتترك ما كنت تأمر به.
قال تعالى : ( وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النحل.
تأمَّـل قوله: (بعد ثُبوتِها) يعني زلّت بعدما
كانت ثابتة راسخة فالأمر مخيف
فمع كثرة طاعاتك وعبادتك أنت مُعرضٌ للإنتكاسة ، فلا يغرّنك ذلك ولا تأمن الفتنة على قلبك ونفسك.
ولذلك كان النبي صل عليه وسلم يكثر من قول : ما رواه أنس قال :
كان النبي صل الله عليه وسلم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
قال أنس فقلنا : يا رسول الله آمنا بك ، وبما جئت به ، فهل تخاف علينا؟
هو قال : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال أنس فقلنا : يا رسول الله آمنا بك ، وبما جئت به ، فهل تخاف علينا؟
فقال : نعم ، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها.
رواه الترمذي : 2140 ، وأحمد : 12128 ، وصححه الألباني فيمشكاة المصابيح: 102].
فلما سألته زوجته عن ذلك قال : (إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)
احذروا الإنتكاسة تأتي بالتدرج ، تبدأ بترك النوافل، والذِكر، وقراءة القرءآن بحُجة ضيق الوقت ،
وهكذا حتى تصبح المعاصي أمرا عاديا.
إقرأ أيضا: وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ
أبواب الإنتكاسة كثيرة ، ومفتاحها أن تأسرك شهواتك فتعكف على عبادتها.
فلا تغتر باستقامتك وتدينك ، وادعو الله ليلا ونهارا صباحا ومساءً أن يثبتك على دينه.
وهنا يجدر التنبيه إلى أمر مهم إيّاك ثم إياك
أن تسخر من مُنتكس فتنتكس!
وقل لنفسك كذلك ، كنتم من قبل فمن الله عليكم واسأل الله الثبات
(رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلوبَنا بَعدَ إِذْ هَدَيتَنا… )
مِن جَميل مَا قِيل فِي تدبُّر هَذه الآية :
“ذاقوا لَذَّة القُرب ، فَخافوا مِن وحشة الإبتِعاد ، حتى الممات.