رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين

﴿أَوْزِعْنِي﴾: قال الجوهري : (استوزعت اللَّه فأوزعني ، أي استلهمته فألهمني).

وقال الراغب : (وتحقيقه أولعني بذلك) ، والمعنى : أي ألهمني، واجعلني مولعاً به ، راغباً في تحصيله.

هذا من الدعاء في كتاب ربنا سبحانه وتعالى الذي نحن متعبدون بتلاوته ، المأمورون بتدبره ،

والعمل به ففي هذا الدعاء العلم النافع ،
والعمل الموفق الصالح ،

إذا تدبّرها العبد ، وعمل بمقاصدها ، وما دلّت عليه من المدلولات ، فإن مآلها الخير العظيم
في الدارين من كل خير.

﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾: أي ألهمني ، ووفقني لشكر نعمائك ،

وأفضالك عليَّ بالنعم الكثيرة التي لا تعدُّ ولا تُحصى ، فتضمّن سؤال اللَّه تعالى التوفيق لملازمة شكره على الدوام.

﴿وَعَلَى وَالِدَيَّ﴾ : (أدرج فيه والديه تكثيراً للنعمة ؛

فإن الإنعام عليهما إنعام عليه من وجه مستوجب الشكر ، أو تعميماً لها) ([3])،
فإن النعمة عليه يرجع نفعها إليهما كذلك.

لهذا سأل ربه تبارك وتعالى التوفيق للقيام بشكر نعمه الدينية ، والدنيوية ، وهذا من كمال الشكر وأحسنه ؛

فإن النعم من اللَّه على عبده المؤمن لا تعدّ ولا تحصى ، والتي أعظمها نعمة الإسلام التي مغبون فيها كثير من الناس.

﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾ : صالحاً بالتنوين والتنكير للتفخيم والتكثير ،

فسأل اللَّه تعالى التوفيق بالقيام بالأعمال الجليلة والكثيرة التي تستوجب رضاه الذي
هو أمنية كل مؤمن ،

فإن تمام الشكر وأكمله ، أن يكون باللسان ، والقلب ، والأركان.

إقرأ أيضا: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ

﴿تَرْضَاهُ﴾ : أن ليس كل عمل يعمله العبد الصالح ، وإن كان ظاهره صلاحا ،

بل قد لا يكون مرضياً عند اللَّه عز وجل
لما فيه من المنقصات من الرياء والعجب والشرك.

والثاني : غير موافق لشريعته الحكيمة التي أنزلها تعالى على لسان نبيه صل الله عليه وسلم من المتابعة.

وفي هذا بيان على الحثّ في تصحيح الأعمال ، والأقوال ، والنيات ،

وعلى السبق إلى أفضل الأعمال التي توجب رضا اللَّه تعالى الذي هو أعظم مطلوب ، وأهمّ مقصود.

﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ : أي وأدخلني الجنة دار رحمتك التي لا يدخلها أحد إلا أن تتغمَّده برحمتك وفضلك.

﴿فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ ألحقني بالصالحين من عبادك ،

والرفيق الأعلى من أوليائك في أعلى جنانك ؛ جنات الخلد التي لا يدخلها إلا الصالحون.

Exit mobile version