زيد بن عمرو بن نُفيل
زيد بن عمرو بن نُفيل
ظل الناس قرونا بعد زمن نبي الله المسيح عيسى بن مريم لم يبعث إليهم نبي إلى أن بعث سيدنا محمد صل الله عليه وسلم.
إنتشر الخلاف في أهل الكتاب وبدأ التحريف فأصبح يقتل بعضهم بعضا ، ويكفر بعضهم بعضا ،
أما الناس في قريش وما حولها في الجزيرة العربية كانوا على دين إبراهيم عليه السلام زمنًا طويلًا ،
إلى أن أُدخل فيهم الشرك وانتشرت عبادة الأصنام في مكة ، ولم يكن فيهم موحدين إلا القلائل.
كان هناك رجل إسمه زيد بن عمرو بن نُفيل ، وهو والد سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة ،
ووالد عاتكة بنت زيد زوجة الشهداء ، وعم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا ،
ظل موحدا بالله وكره عبادة الأصنام ، رآه النبي عليه الصلاة والسلام قبل البعثة وجلس معه ،
وقُدم إليهما طعامًا ، فأبى النبي أن يأكل ، وقال زيد : إني لست آكُل مما تذبحون على أنصابكم لا آكُل إلا مما ذُكر إسم الله عليه ،
وكان يُنكر على أهل قريش ذبائحهم فكان يقول : الشاة خلقها الله ، وأنزل لها من السماء ماء ،
وأنبت لها من الأرض ، ثم تذبحونها على غير إسم الله!
إرتحل في الجزيرة العربية والشام باحثا عن الدين الحق ، وفي يوم من الأيام رأى عالما من علماء اليهود فقال له :
إني لعلي أن أدين بدينكم فأخبرني ، فقال : لا تكون على ديننا حتي تأخذ بنصيبك من غضب الله ،
قال زيد : ما أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا ، وأنًّى أستطيعه!
فهل تدلني على غيره ؟ قال : ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا ، قال زيد : وما الحنيف؟
قال : دين إبراهيم ، لم يكن يهوديًا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله ، فخرج زيد ، فلقي عالما من النصارى ،
فذكر مثله ، فقال : لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله ،
قال : ما أفر إلا من لعنة الله ، ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئًا أبدا ، وأنَّى أستطيع !
إقرأ أيضا: أشج عبد القيس العبدي رضي الله عنه
فهل تدلني على غيره ، قال : ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا ، قال : وما الحنيف؟
قال : دين إبراهيم ؛ لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله ، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام ،
رفع يديه ، وقال : اللهم إني أُشهدُك أني على دين إبراهيم.
وفي يوم كان قائمًا مسندا ظهره إلى الكعبة ، يقول : يا معاشر قريش ! والله ما منكم على دين إبراهيم غيري ،
ثم يقول : اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ، ولكني لا أعلم ، ثم يسجد على راحلته ،
وكان إذا رغب في التعبد يسجد ويركع دون عدد ويقول :
( يا رب لا أعرف كيف أعبدك ، فتقبل مني) ، وكان يحيي الموءودة ، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل إبنته :
لا تقتلها ، أنا أكفيك مؤنتها ، فيأخذها ، فإذا كبرت ، قال لأبيها : إن شئت دفعتها إليك ، وإن شئت كفيتك مؤنتها.
وجاهر بعداء الأوثان ، فتجمع عليه جمع من قريش ، فأخرجوه من مكة ،
فانصرف إلى حراء ، فسلّط عليه عمه الخطاب شبانا لا يدعونه يدخل مكة ، فكان لا يدخلها إلا سرا.
وفي يوم ذهب إلى الشام والتقي راهبا فأخبره بأن نبيا سيُبعث من قومك يأتي بدين إبراهيم وهو أكرم الخلق على الله ؛
قال زيد بن عمرو : إني خالفت قومي ، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان ، وكانا يصليان إلى هذه القبلة ،
وأنا أنتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي ،
فمن قبل البعثة يشهد أنه نبي ، لأنه قد علم أنه سيُبعث ، فأشهد الله والناس أنه يؤمن ببعثة النبي صل الله عليه وسلم ولم يعرفه.
إقرأ أيضا: يا رسول الله إن أوسا تزوجني وأنا شابة مرغوب في
وهو عائد من إحدى رحلاته من الشام هجموا عليه قطاع طرق فقتلوه قبل البعثة بخمس سنوات ،
فقال وهو ينازع : اللهم إن كنت حرمتني صحبة نبيك فلا تحرم منها إبني سعيدا ؛
سأل سعيد بن زيد هو وعمر بن الخطاب رسول الله صل الله عليه وسلم عن زيد ؟
فقال : (غفر الله له ورحمه ، فإنه مات على دين إبراهيم) ،
وقال صل الله عليه وسلم : (يبعث زيد بن عمرو بن نفيل يوم القيامة أُمَّة وحده).