الحب في الحياة

ساءت الأوضاع بيننا في الآونة الأخيرة

ساءت الأوضاع بيننا في الآونة الأخيرة لدرجة أن لا أحد منا أصبح يطيق الجلوس مع الآخر ،

نتشاجر على أي سبب مهما كان تافها ، كأن أشاجره مثلا على تأخره لنصف ساعة أو على ارتداءه لقميص لا يروقني ،

وأنتقد بشدة كل كلمة يقولها ، حتى هو لم يقصر بتفننه في القسوة علي بكلماته فيشكوا بذلك كل عمل أقوم به حتى لو كان جيدا.

لم نعد نتحمل كثرة الشجار بيننا فلم يعد في استطاعة بيتنا الصغير احتواء مشاحناتنا الدائمة ،

فقد أصبح حلبة للقتال بدل أن يكون ملاذا للراحة والإستقرار.

اشتقت إلى تلك الأيام التي كان يغازلني على كل شيء حتى والدموع في عيناي يقول لي بكل حب :

أما آن لابتسامتك أن تشرق فتمحوا بذلك تلك القطرات الندية في عينيك؟

كفاك بكاءً فقلبي من جمالهما قد ارتوى.

فأبتسم كمراهقة في أول قصة حب لها وأرد له بغزل أقوى ،

بكاء العين لا يسبق بكاء القلب ، قلبي ارتوى من جمال الكلمات ، فرسمت البسمات وكفكفت الدمعات.

اختفى كل شيء جميل بيننا ، اندثر فتحول إلى مجرد ذكريات ،

آخر ما قررنا القيام به هو الطلاق بعد أن باءت كل محاولاتنا للصلح بالفشل.

لكن وقبل تطبيق ذلك قررنا تجربة حل أخير وهو الإبتعاد عن بعضنا ، ليس إبتعاد أمكنة بل إبتعاد قلوب وأرواح ،

أن نعيش في البيت نفسه كالغرباء ونعتبر الطرف الآخر غير موجود مطلقا ،

فعلنا كل هذا حتى لا نخبر أحدا من عائلتنا بمشاكلنا ونحاول حلها كشخصين راشدين.

مرت الأيام ونحن كالغربين في بيت واحد وهذا ما زاد من حدة ألمنا ، الإهمال!

أشتاق إلى إبتسامته وصوته أثناء عودته مناديا باسمي ، أشتاق حتى لشكوته وللشجار معه ،

لم يكن الأمر مختلفا بالنسبة له فعيونه التي قرأت فيها الحب تفضحه حين تخبرني برغبته في الصلح والعودة ، لكن كبرياءه يمنعه.

إقرأ أيضا: تقول يكبرني بثلاثة عشر سنة فقط

وبعد تفكير عميق قررت القيام بأمر مجنون ، أن نلتقي في نفس المكان الذي التقيته فيه أول مرة قرب الجامعة حين عرض علي رقمه ورفضته.

كتبت طلبي واستأذنته بالخروج في ورقة وضعتها قرب مكان نومه ،

1 3 4 10 1 3 4 10

رغم أني لا أحدثه ولازلت أحافظ على اتفاقنا إلا أني أحترمه كوني زوجته وطوع أمره.

لم يعترض على فكرتي بل وكأنه كان ينتظرها ، فقد اعتاد دوما على مبادرتي في كل شيء رغم عدم اعترافه بذلك ،

إلا أنه يتقبلها بصدر رحب.

انتظرته في ذلك المكان بمفردي بعد أن كنت رفقة صديقاتي في أول مرة رأيته فيها.

لم تتغير ملامحي كثيرا عن أول لقاء ، أو ربما كما قال لي ذات مرة لقد ازددت جمالا!

إبتسمت بعفوية وأنا أتذكر ذلك ، لكن سرعان ما تنهدت في حسرة حين تذكرت ما أصبحنا عليه اليوم ،

والأسوأ هو السبب الذي جعلني أعود إلى هنا ، إلى نقطة الصفر!

تجمعت قطرات من دموع الخيبة على مقلتاي ، وسرحت بأفكاري بعيدا لدرجة أني لم أشعر به وهو يقترب مني ،

حتى أحسست بأصابع كفه تتشابك مع أصابعي وبكل قوة يضغط عليها.

رفعت من عيناي فلمحت نظرة حادة تظهر في عينيه خلف نظراته السوداء ،

نفس النظرة الحادة ونفس القوة في قبضته التي الفتهما فيه.

لكن لقاءنا الأول لم يكن هكذا ، فقد كان أكثر هدوءً وبشاشة!

سحبني بقوة خلفه ولم أستطع منعه حتى.

فتح باب سيارته ودفعني إلى الداخل بكل قوته وانطلق بسرعة بعد ذلك.

لم ينطق بأية كلمة ، نفس السلطة ونفس الغطرسة وهذا ما أثار غضبي مما دفعني إلى الإعتراض على ذلك.

إقرأ أيضا: عدت من مدرستي قاصدا بيتي بعد شهور من فراق أمي

لم يكن لقاءنا الأول هكذا! ما الذي تنوي فعله وإلى أين تأخذني!؟ “

ودون النظر في عيناي أجابني في هدوء مستفز :

” لم تكوني منفردة في لقاءنا الأول ، ولم تكوني حزينة أيضا ،

كانت ابتسامتك الساحرة أكثر ما جذبني إليك يومها ، لكني اليوم افتقدتها فلم أجد شيئا يدفعني إلى منحك رقم هاتفي!

حدثته في امتعاض : إذن إلى أين؟
أجاب بنظرة حادة : إلى مكان شجارنا الأول!

ظل يقود السيارة في صمت بينما بقيت أنا في مكاني أرتعش قلقا وأنا أفكر فيما سيفعله وكيف يجب أن تكون ردة فعلي معه.

توقف فجأة عند أحد محلات الملابس النسائية وأخذ يتفرس في ملامحي بنظرات غريبة ،

ثم خاطبني بصوته القوي الذي أربكني فكاد قلبي أن يخرج من مكانه : أتذكرين!؟

ماذا ؟ تقصد المحل؟

نعم ، ألم يكن هنا مكان شجارنا الأول ، ألا تذكرين؟

أطرقت في خجل ” نعم أذكره “

ابتسم على جنب : لقد خاصمتني حينها بحجة أني أتغزل بنظراتي في البائعة!

انظري إلى الداخل ، رحلت البائعة وبقيت أنتي.

إنطلق بعدها في صمت قاتل بينما بقيت أنا أتصارع مع أفكاري في داخلي ،

أفكر فيما يجب علي فعله فقد شعرت بالهزيمة الأن أمامه.

سألته : إلى أين؟
قال : سنعود إلى البيت.

قلت : لا أريد ، فنحن نتشاجر دائما هناك ، أريد أن أرتاح قليلا في بيت أهلي.

تنهد بعمق ثم قال مهددا : لكن عندما آتي لأخذك ستعودين ، لا أريد أعذارا ، فهمت!؟

رغم غطرسته وعناده إلا أن تهديده هذا لا يدل إلا على شوقه وخوفه الكبير من ضياعي منه ، أومأت برأسي موافقة ،

وبعد نزولي انتظرت وقتا كافيا لوصوله للبيت عندها أرسلت له رسالة إلى هاتفه :

عد وخذني فأنا الآن أبتسم ، وإن لم ترقك إبتسامتي عد كل يوم حتى تغدوا ساحرة وتجذبك!

ابتسمت من أعماقي أثناء إرسالها ، لم أنتظر إلا بضع ثوان حتى وصلتني رسالة منه :

افتحي الباب يا مجنونة ومن قال لك أني ابتعدت أصلا!؟

عودي كفاك سذاجة ، فالبيت دون مشاجرتك ليل مظلم والقلب دون قربك حسرة وندم.

انا أنتظرك وسأظل دوما ، فلن يملأ عيناي وجودهن و كثرتهن ،

فلا معنى لحياتي دونك يا قهوة أيامي مرّة كنت أو بسكرك ، أدمنتك ، أدمنتك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?