سلسلة من قضاة الإسلام العظماء
القاضي كعب بن سور الأزدي رحمات الله ورضوانه عليه.
يحكى أن كعب بن سور كان جالسا عند أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه فجاءت إمرأة ،
فقالت : يا أمير المؤمنين ، ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي إنه ليبيت ليلة قائماً ويظل نهاره صائماً في اليوم الحار ،
ما يفطر فاستغفر لها سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه وأثنى عليها.
وقال: مثلك أثنى الخير ،
فاستحيت المرأة فقامت راجعة.
فقال كعب: يا أمير المؤمنين هلا أعنت المرأة على زوجها إن جاءتك تستعديك؟
قال: أوذاك أرادت؟
قال: نعم
فردت المرأة.
فقال: لا بأس بالحق أن تقوليه إن هذا زعم أنك جئت تشتكين زوجك أنه يجتنب فراشك.
قالت : أجل إني إمرأة شابة وإني أتتبع ما يتبع النساء فأرسل إلى زوجها فجاءه ،
فقال لكعب : إقض بينهما فإنك فهمت من أمرهما ما لم أفهمه.
قال كعب : أمير المؤمنين أحق أن يقضي بينهما.
فقال: عزمت عليك لتقضين بينهما
قال : فإني أرى كأنها إمرأة عليها ثلاث نسوة هي رابعتهن فأقض له بثلاثة أيام ولياليهن ،
يتعبد فيهن ولها يوم وليلة ليس له فيها إلا أداء الفريضة.
فقال عمر : والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر إذهب فأنت قاض على أهل البصرة.
جاء صاحب عين هجر (هجر بلد) إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وعنده كعب إبن سور ،
فقالْ: يا أمير المؤمنين إن لي عيناً فاجعل لي خراج ما تسقي
فقال: هو لك
فقال كعب: يا أمير المؤمنين ليس ذاك له.
إقرأ أيضا: لإيلاف قريش
قال: ولم؟
قال: لأنه لا يفيض ماؤه عن أرضه فيسقي أرض الناس ولو حبس ماؤه في أرضه لغرقت فلم ينتفع بمائه ،
ولا بأرضه فمره فليحبس ماؤه عن أرض الناس إن كان صادقا.
فقال له عمر : أتستطيع أن تحبس ماءك؟
قال : لا
قال عمر هذه لكعب مع الأولى.
قالت بنت كعب بن سور أعطانا بعض أهل الحي هدية (طعام) فدخل أبي فرآه فأدنيناه إليه فأكل.
ثم قال : من أين هذا لكم
قلنا له : أهداه لنا فلان فتقيأه لأن الهدية إذا دخلت بيت القاضي دفعت إلى الطمع منه والشبهة فيه.
إشترى رجل من رجل أرضاً فوجدها صخرة فاختصما إلى كعب بن سور
فقال كعب : أرأيت لو وجدتها ذهباً أكنت تردها؟
قال : لا
قال: فهي لك
حدث بعض الرواة : أن إمرأتين رقدتا ومع كل واحدة ولدها فانقلبت إحداهما على أحد الصبيين فقتلته ،
وأصبحتا وكل واحدة منهما تدعي الباقي فاختلفا إلى كعب بن سور فبعث إلى القافة فأوطوا
(القافة : من يقتفي الأثر أوطوا : اتفقوا).
فألحق الشبه بإحدى المرأتين فقال كعب : إني لست بسليمان بن داود ( أما عن قصة سيدنا سليمان والمرأتين ،
يحكى أنه دخلت إمرأتان على سيدنا سليمان عليه السلام وكان الذئب قد أكل طفل واحدة منهن ،
وكل واحدة تقول إبني هذا الذي لم يأكله الذئب وقرروا الإحتكام لدى سليمان سمع سليمان حجج المرأتين ،
وكلتيهما يدعيان أمومة الطفل فنادى على سياف وأمره بشق الطفل إلى نصفين ليحل الخلاف ،
فاضطربت والدة الطفل الحقيقية وسألت سليمان أن لا يقتله ويعطيه لغريمتها.
بينما المرأة الأخرى سكتت ولم تتكلم عندما سمعت بشق الطفل حينها علم سليمان أيهم أم الطفل الحقيقية ،
وهي تلك التي آثرت أن تفقد طفلها على أن تراه يقتل ، ولم أجد شيئاً أفضل من أربعة من المسلمين شهوداً على أن الطفل يشبه أي من المرأتين.