سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاب بالمدينة يقول : يا أحكم الحاكمين أحكم بيني وبين أمي.
فقال له عمر : لماذا تشكو أمك يا غلام على هذه الصورة؟
قال : يا أمير المؤمنين إنها حملتني في بطنها تسعة أشهر ، ثم أرضعتني حولين كاملين ،
فلما كبرت طردتني ، وزعمت أنها لا تعرفني.
فاستدعى عمر المرأة ، ثم سألها عما يقول الغلام ، فقالت : يا أمير المؤمنين والذي إحتجب بالنور ،
إنني لا أعرف هذا الغلام ، وأنا لا أزال بكرا لم أتزوج.
فسألها عمر : هل لك شهود على ما تقولين؟
فأجابت : نعم ، هؤلاء إخوتي.
فاستدعاهم عمر فشهدوا عنده بأن الغلام كذاب ، وأنه يريد أن يفضح أختهم في عشيرتها ، وأنها لم تتزوج.
فقال عمر : إنطلقوا بهذا الغلام إلى السجن حتى نسأل ،
فأخذوا الغلام إلى السجن ، وفيما هم في الطريق إلى السجن لقاهم علي كرم الله وجهه ، فناداه الغلام.
يا ابن عم رسول الله ، إني مظلوم ، ثم قص عليه قصته.
فقال علي : ردوه إلى أمير المؤمنين عمر
فلما ردوه ، قال لهم عمر : لماذا رددتموه إلي؟
فقالوا : إنك قلت ، لا تعصوا لعلي أمرا وقد أمرنا أن نرده وألا نذهب به إلى السجن.
ثم جاء علي ، وقال لعمر : لأقضين اليوم بقضاء يرضي رب العالمين.
ثم أخذ يسأل المرأة : ألك شهود ؟ قالت : نعم
ثم تقدم الشهود فشهدوا بأن المرأة ليست أما للغلام.
فقال علي : أشهد الله وأشهد من حضر من المسلمين ، أني قد زوجت هذا الغلام من هذه الفتاة بأربعمائة درهم أدفعها من مالي الخاص ،
وأعطى الدراهم للشاب ، وقال له والمرأة تسمع : لا أراك إلا وبك أثر العرس.
فقام الغلام للمرأة وأعطاها الدراهم ، وقال لها :
قومي معي إلى بيت الزوجية.
فصاحت المرأة : النار ، النار ، يا ابن عم رسول الله.
أتريد أن تزوجني من ولدي ؟ هذا والله ولدي
وقد زوجني أخي رجلا غريبا ، فولدت منه هذا الغلام ،
فلما كبر أمروني أن انتفي منه وأطرده
وفؤادي يحترق عليه ، ثم أخذت بيد ولدها وانطلقت ،
فصاح عمر بأعلى صوته : وآعمراه ، لولا علي لهلك عمر.