شاب بار بوالديه كان كل همه إسعاد والديه
شاب بار بوالديه كان كل همه إسعاد والديه كان يفعل كل ما يطلبانه منه حتى أصبح روتينه مملا ،
كانت كل مشاغله الدراسة في الجامعة وتلبية حاجات والديه.
بعد عدة سنوات أنهى دراسته الجامعية ووجد نفسه عاطلا عن العمل ويملك من أوقات الفراغ كثيرا ، فانتابه نوع من الإكتئاب.
فبدأ روتينه يتغير وأصبح أنيسه الليل المظلم وأصبح كل ليلة يهيم بوجهه إلى أي مكان.
إستمرت حاله هذه شهورا إلى أن مر ذات ليلة بأحد الأزقة الموحشة فرأى سيدة تفترش الأرض وبيدها رضيعة حديثة الولادة ،
كان عمرها شهر أو شهرين هكذا قال في نفسه.
دنى من السيدة و لاحظ أن بها كدمات وملابسها رثة وممزقة وتبدوا عليها جروح الشجارات ،
فأدخل يده في جيبه واستل ما يوجد من مال ووضعه أمامها وأكمل سيره و مشى عدة خطوات ،
وإذ بالسيدة تشده من الخلف وتوقفه.
فاستدار لها فوضعت المال في يده وقالت خذ مالك لست متسولة ولا أحتاج شفقة منك.
رد عليها أنا آسف خذيه من أجل الصغيرة ، فكررت رفضها فأخذ ماله وهم بالرحيل.
أثناء ذلك كان يفكر لما لم تقبل منه المال ووضعها هكذا ، بقي يفكر ثم قال سأعود الليلة القادمة وأحاول أن أعلم حالها ،
وكان هذا ما حدث ففي الليلة التي أتت بعدها مر من ذلك الزقاق بخطوات متثاقلة ومر عليها ولكنه لم يتجرأ على السؤال بل أكمل سيره
حتى نادته ، وقالت يا سيد ما سبب اكتئابك.
إستدار بسرعة وقال وهل يبدو علي ذلك.
أجابت بكل ثقة نعم إنك كئيب ، فتوجه إليها وسألها كيف علمتي ذلك.
إقرأ أيضا: أقبلت إمراة كبيرة في العمر إلى أحد الأسواق في المدينة
قالت له لقد مررت علي مرتين ولم أرك من قبل في مرة وضعت النقود وفي مرة قادك الفضول ،
وأنت تجوب الليل لذا أنت مكتئب.
إندهش الشاب من ذكائها فقال لقد صدقتي إني أجول في الليل وأحوم لأني مللت من وضعي وحتى أتفادى التفكير السلبي.
طلبت المرأة من الشاب الجلوس واعتذرت على فضاضتها ، فقال لا بأس.
وبدأت بالتكلم وقص القصص له وأخذا يتسامران حتى طلوع الفجر ،
فنهض ولكنه لم يسأل أبدا عن حالها واستمر كل ليلة يذهب إليها ويسمع لما تقول ،
كان قد أعجبه كلام السيدة ولم يجرأ يوما على السؤال عن ما أوصلها إلى هذه الحال ، خشية أن ترفض أو تكون فضة.
وكان في بعض الأحيان يلاعب تلك الصغيرة كل ليلة إلى أن أتى فصل الشتاء وموسم البرد والأمطار ،
فبدأ بإحضار ما تيسر له من الأكل والشرب ومنحها إياها وكانت تقبل منه الأكل ولا تقبل منه أي دينار أو درهم ،
كما أحضر لها فرشا ولطانية ووفر لها وللصغيرة ملابس وبعض الحاجيات.
وذات ليلة ومن الإعياء وشدة المرض نام الشاب في بيته ولم يتجول في الليل ،
وعند دنو الفجر سمع صوتا قويا هز أركان غرفته ، كان صوت الرعد إستيقظ مفزوعا وخائفا وكان وجهه يتعرق ،
نظر إلى النافذة وإذ به يرى تساقط الثلوج.
بقي محدقا إلى أن تذكر المرأة وإبنتها فارتدى ملابسه وذهب في عجل إليهما ،
عندما وصل إليهما بقي واقفا متجمدا مدة من الوقت في مكانه من المنظر الذي رآه ،
كيف لا وقد كانت السيدة تحمل البنت بعد أن لفتها بجزء كبير من ثيابها وضمتها إلى صدرها ،
لتوفر لها بعض الدفئ ووضعت البطانية عليها.
عدلت جلوسها وجعلت الفتاة إلى الحائط وهي بظهرها إلى الزقاق لمنع الهواء من التسلل للبنت ،
أما هي فبقت للبرد إلى أن توفيت.
إقرأ أيضا: شعرة بيضاء
حمل الرجل الفتاة الصغيرة من السيدة وحدق بالمكان فوجد علب الكرتون تحتوي على كتابة ،
فقرأها فإذا بها رسالة من السيدة ، وقالت فيها أيها الصديق أمير بالليل إذا قرأت هذه العلب فربما أكون غادرت الحياة.
دعوت الله إن مت أن تكون أول من يجدني أمير الليل آسفة لم أخبرك من قبل ،
لكن أعلم أنك كنت تريد أن تستفسر عن حالي ولم تجرأ أنا أيها السيد إمرأة متزوجة طردني زوجي من المنزل ،
وباعه وأخذ أولادي وسافر إلى وجهة غير معلومة وليس لي شخص في الحياة ولا يوجد من يأوييني لذا أصبحت مشردة.
وأما الفتاة فلا أعلم من تكون وليست إبنتي بل وجدتها في مكب للنفايات عندما كنت أجول في الأزقة ،
فقررت الإعتناء بها وأحببتها وأما الجراح و الكدمات فهي لأني كنت أسرق الباعة لآكل لأستطيع إرضاع هذه الصغيرة ،
فكنت أُضرب وأعنف طيلة الوقت وأما رفضي للمال فأنا آسفة فكان لعزة نفسي فقط.