صفات المؤمنين الإيثار
إن من أعظم الفضائل التي رَبَّى الإسلام أتباعه عليها فضيلة الإيثار وحب الخير والعطاء للآخرين ،
وصفة العطاء من صفة الله عز وجل وعطاؤه لا ينقطع ولا ينتهي سبحانه وتعالى.
ما هو الإيثار؟
الإيثار : هو أن يقدم المسلم حاجة غيره من الناس على حاجته ، فقد يجوع ليشبع غيره ويعطش ليروي سواه ،
بل قد يموت في سبيل حياة الآخرين ، وبهذا الشعور النبيل يجدد حقيقة إيمانه فيطهّر نفسه من الأثرة والأنانية ،
التي هي حب النفس وتفضيلها على غيرها ، وهي صفة ذميمة نهى عنها الرسول صل الله عليه وسلم.
فما أقبح أن يتصف الإنسان بالأنانية وحب النفس ، وما أجمل أن يتحلى المسلم بالإيثار وحب الآخرين ،
وهذا هو درب الفائزين الذين أثنى الله عز وجل عليهم بقوله تعالى :
﴿.. وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ..﴾ سورة الحشر: 9. ( خصاصة : أي شدة وحاجة ).
الإيثار خُلق رفيع يبعد الإنسان عن الظلم والرذيلة : كالغش والبهتان والتلاعب بالأسعار وإيذاء الاخرين ،
وهو نتيجة الزهد في الدنيا وإيثار الآخرة ولا يمكن الوصول إلى خُلق الإيثار إلا بالقناعة والسخاء والبذل والعطف على الفقراء والمحتاجين والأيتام.
من خصائص المؤمن أن يؤثر أخاه المؤمن في حظوظ الدنيا على نفسه طلبا لثواب الاخرة ،
وأن من أعظم الكرامة أن تؤثر بخيرك لغيرك ، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام :
“لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه” متفق عليه.
وقال أيضا : “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” متفق عليه.
في خلق الإيثار :
الأولى : أن تؤثر الخلق على نفسك فيما يرضي الله ورسوله ، وهذه هي درجات المؤمنين من الخلق.
الثانية : إيثار رضا الله على رضا غيره وإن عظمت فيه المحن ،
ولو أغضب الخلق وهي درجة الأنبياء وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه.
إقرأ أيضا: صفات المؤمنين التوبة
مواقف خالدة في الإيثار
إيثار الصحابة مع النبي صل الله عليه وسلم
وهذا طلحة بن عبيد الله يأتي للنبي صل الله عليه وسلم يوم أحد ويقول له :
اخفض رأسك يا رسول الله ، نحري دون نحرك يا رسول الله (رقبتي دون رقبتك) ،
ويقذف الرسول صل الله عليه وسلم بسهم فيمنعه طلحة بيده ، ويخترق السهم يده فتشل.
وهذا أبو دجانة في غزوة أحد ، السهام تصوب ناحية النبي صل الله عليه وسلم من كل مكان ،
فيأتي أبو دجانة ويؤثر رسول الله ويحتضنه لينقذه من السهام
يقول أبوبكر رضي الله عنه : نظرت إلى ظهر أبو دجانة فهي كالقنفذ من كثرة السهام ،
هو مجروح وما زال يؤثر النبي صلوات الله عليه.
هذه أفضل صورة تجسدت في خلق الصحابة رضوان الله عليهم ، اقتداء بخلق الرسول صل الله عليه وسلم لقول الله تعالى :
﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ القلم: 4.