صليت في مسجد وصلى بجانبي طفل لطيف

صليت في مسجد وصلى بجانبي طفل لطيف ، بعد التسليمة سلم علي مبتسما وقال : دعوت لك”

بقيت بين إنتفاضة دواخلي من وقع الكلمة وبين مبسمه الجذاب.

ثم أخرجني من ذهول الجمال حينَ أخرج من جيبه حبة حلوى صغيرة ، وأهداني إياها قائلا بعد سؤاله عن السبب ،

أمّي رقية علمتني!

إحتضنته باكياً متأثرًا

طفلٌ في مسجد ، يُصلّي بلا لعب ، يسلم على من بجانبه ويبتسم ، يدعو له في سجوده ويخبره ،

ويهديه حبّة حلوى ، إنها صناعة القادة.

لم تنتهِ القصّة هنا وضعتُ النية أن أبدأ مثله ، أدعو لكل من يصلي على يميني ، أسلّم عليه وأحادثه بلطف ، ثمّ أمضي.

اليوم بين يدي دفتر مذكرات كامل ، فيه كل ردات الفعل التي واجهتها بعد كل صلاة ،

كل كلمةٍ سمعتها من قلب من صلى على يميني ، كل لحظة إستشعرت أن صغائر الأمور تبني عظائم الأجور.

أمس بعد المغرب ، أسلم على شابٍّ أسمر الوجه أبيض القلب ، قادم من الصحراء ،

عربيّته ثقيلة بعكس قلبه الرقيق ، طبّقت الأمر معه ، أخبرته أني دعوت له ، إبتسم جدًّا ثم ربّت على كتفي يشكرني ،

ثم صمت على حين غرة ثم بكى بهدوء ،وقال : الحمد لله أنّ الدعاء حديث الصامتين وهدية المتحابين ،

وإنّي أحبك في الله ، شد في سلامه على يدي وذهب.

وقتها أيقنت أن الله ييسر قلوبا تحن لقلوب تئن ، حتّى تبني دواخلها بالدعاءر،

قُرب خفي وحُبّ رَضِيّ ، وسلامُ القلب أرجى من يدٍ فارغة.

‏دخلت مشفى لأعود قريبا لي وفي نفس المشوار قرعت غرفة مريض لا أعرفه ، سألته ما أدخلك قال : قطعت رجلي من السكر.‏

إقرأ أيضا: عبقري من لبنان العالم حسن كامل الصباح الملقب بأديسون العرب

سلمت عليه وصافحته بقوة وبوجه طلق وقلت له : لعلها سبقتك إلى الجنة.

كيفك الآن؟ ‏قال ممتاز ،‏ وجلست بجواره
‏معي مسبحة أهديته إياها ،

وجلست أدردش معه ‏وأخرجته إلى عالم الحياة.

‏قال : هل تعرفني ؟
‏قلت : الله وعدنا أن من زار مريضاً فله خريف من الجنة ويستغفر له سبعون ألف ملك.

فأتيت إليك حاثا الخطى.

‏وعندما كنت أودعه ، ‏قال لي أهلي في الغرب والوحيد الذي زارني أنت.

‏ودعته بحرارة ودموع الفرح تنحدر على وجنتيه ، ‏أدركتُ وقتها قول الله عز وجل :

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا.
‏‏
‏علمني طفل كيف أمنح الحياة لذرات تائهة في الكون ، ‏وكله في صحيفة أمه رقية.

‏لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.

Exit mobile version