صون النعمة قبل أن تندم
هذه الجملة قالها صديق لصديقه ، عندما أنعم الله عليه بالخيرات والأموال والبنون ، سأروي لكم القصة من البداية ، وسنتعرف على أحداث القصة بالتفصيل.
يقول راوي القصة : كان لي جار فقير جدا ، وكان يعمل جنديا في البحرية ، وكنت أعمل معلما في أحد المدارس في المدينة ،
وكانت حالتهم المادية سيئة جدا.
لقد كان يعيش مع أمه ووالده وأخته حياة صعبة جدا ، وكنت دائما أقرضه المال إلى أخر الشهر ثم يعيدها عندما يقبض راتبه.
وبعد مرور سنين جاء نصيب لأخته وتم الموافقة عليه وزفها لزوجها دون أن يقيم لها أي مراسم زفاف ، فكان قد خبأ مهر أخته.
وبعد أيام تقدم لفتاة وتزوج بها ، وبعد شهور حملت زوجته وكبرت معانتهم أكبر من السابق لدرجة أنهم كانوا يتناولون وجبة في اليوم.
فاقتربت زوجته على الولادة ، وبعد أيام قليلة أنجبت طفلا ، لقد جائهم الطفل مبشرا بالخير لوالديه.
بعد أيام عرضت الشرطة البحرية على الجنود منحه دورة تعليمية الى أحد الدول لمدة عامين ،
فقدم صديقي عدنان إلى قيادته ، وقاموا بتسجيل الجنود الذين قدموا إلى الذهاب ،
فأخذ عدنان زوجته وابنه وتركهما في بيت عائلة زوجته ،
وطلب مني أن أرعى أسرته في فترة غيابه.
فقلت له لا تقلق إنهم مثل عيلتي.
وبعد أيام سافر ، قضى كل الفترة في التدريب والتعليم في الخارج ، وعندما انتهت المدة
عاد جميع الجنود إلا هو لم يعود ،
فشعرت بالخوف والقلق فسألت عليه فأخبروني أن بعض الجنود تم ترقيتهم ومدوا لهم في المنحة للحصول على رتبة قائد.
فشعرت بالسعادة وقلت بالتوفيق يا صديقي فأنت تستاهل هذه الترقية.
قضى عامين أخرين أيضا ، وعندما انتهت المدة عاد وكان قد تغير تماما وتم ترقيته برتبة قائد ومسؤول عن القيادة ،
وتم تسليمه تولي القيادة من جميع الٳدرات البحرية.
إقرأ أيضا: جواهر المرء في ثلاث
وكان مسؤولا أيضا على شؤون الأفراد ومخازن الأسلحة ومن هنا بدأت حياته تزدهر وتحلق به إلى الفضاء.
وبعد ستة أشهر قام بشراء منزل كبير وسيارة ، وكان يصرف الكثير من الأموال في أشياء تافهة وليس لها معنى.
لقد كان يصرف في اليوم الواحد ما يكفي إطعام ثلاث أسر كاملة لمدة يومين.
فكنت أقول له ارعى النعمة التي أنت فيها يا صديقي فهناك من يتمناها حافظ عليها وأنفق بالتي هي أحسن.
ولكن كان رده أنا لا أهدر المال في أشياء حرام.
وكان كل يوم يزداد تطورا في ربح المال ويزداد أكبر من السابق في الصرف ،
حيث كان يذهب رحلات في أيام العطل وينفق الكثير من الأموال في رحلته.
فكنت أقول له لماذا لا تستثمر الأموال التي تذهب هدر وتستفيد منها في المستقبل ، فلديك أبناء وقد تنفعهم في الأيام القادمة.
وذات يوم ذهبنا إلى أحد المطاعم ، فتوقف بسيارته أمام المطعم ،
فاقترب رجلا مسن وطلب منه أن يسمح له بأن يغسل سيارته.
فكان يبدو أن الرجل لم يستفتح بعد ولم يغسل أي سيارة منذ الصباح.
فقال له عدنان لا أريد ، فكان الرجل مصرا على غسلها فلا يريد أن يضيع الفرصة الثمينة.
فنزلنا من السيارة ودخلنا إلى المطعم
وتناولنا وجبة الغذاء ،
وعندما طلعنا تفأجئ عدنان بسيارته نظيفة وتلمع ، ولكن شعر بالغضب.
فقال له الرجل سيارتك أصبحت جاهزة ونظيفة أعطني ثمن الغسيل.
فقال عدنان وهو بحالة غضب هل سمحت لك أن تغسلها ، ألم أخبرك أن لا تلمسها.
أجاب الرجل أنا أعتذر يا سيدي ولكنني بحاجة للمال لكي أطعم أطفالي ، أرجوك يا سيدي تعاطف معي لوجه الله.
فركب عدنان سيارته وقال له ابتعد من أمام سيارتي ، فظل الرجل واقفا أمام السيارة والدموع تسكب من عيناه ، يريد المال.
فغضب عدنان ونزل ورفع يده وقام بصفع الرجل حتى وقع على الأرض ، فقال الرجل حسبي الله ونعم الوكيل.
إقرأ أيضا: أصبحت أحب ساعات الإنتظار
فشعرت أنا بالغضب من ما فعله ونزلت ودفعت للرجل المال وطيبت بخاطره وعدت إلى السيارة ،
فقلت له لماذا أنت هكذا قاسې القلب يا عدنان إذا كنت تظن نفسك قويا برتبتك ومكانتك ، فتذكر قوة الله وقدرته.
ولكن كان يتحسس من نصيحتي له ، ويزعل حين أقوم بنصيحته ،
وأصبح لا يتواصل معي مثل العادة ولم يعد يأتي لزيارتي ، وقطع علاقته بي.
فشعرت بالحزن وضاق صدري لما أصبحنا عليه ، فيكف لصديقي وجاري الذي اعتبرته مثل أخي أن يقطع علاقته بي.
فاتصلت به أكثر من مرة ولكن كان يغلق الخط في وجهي.
فأرسلت له رسالة ، فقلت له صون النعمة يا صديقي قبل أن تندم وتعود إلى حيث كنت ،
فمن غناك في ساعة قادرا على أن يعيدك إلى فقرك في ثانية تذكر رسالتي جيدا ، إلى القاء يا صديقي.
فكانت هذه أخر تواصل بيننا ، وقام ببيع المنزل الذي يقع بالقرب من منزلي واشترى منزلا في منطقة بعيدة ،
فانقطعت علاقتنا نهائيا ولم أعد أسمع عنه أي أخبار.
وبعد مرور عام التقيت به في أحد الأسواق يسير حافي الأقدام ،
والله والذي نفسي بيده رأيته يجمع الخضروات من الأرض وكان مظهره بشعا جدا ،
وقد أصبح وجهه مغطى بشعر لحيته وشاربه.
فتوقفت أشاهده من بعيد وبدون شعور ذرفت عيوني الدموع ،
فاقتربت منه وقلت له عدنان هذا أنت ما الذي تفعله ولماذا تجمع الخضروات المعفنة.
فقال لي أجمعها لكي أطعم أسرتي.
فقلت وماذا عن أموالك وغناك.
أجاب لقد خسرت كل شيء.
فقلت له أترك هذه الخضروات من يدك ودعنا نشتري طعاما لأسرتك ، وثم أخبرني ماذا حصل.
فقمت بشراء الطعام لأسرته وثم جلسنا أمام منزله الصغير جدا ، فقلت له أخبرني بكل شيء من البداية.
فقال لا أعلم أي دعوة مسكين أصابتني
فقلت له أخبرني كسرت خاطر من.
أجاب لقد جائت أخت زوجتي منذ عام ، وكانت تبكي ، فقالت أن ولدها تعرض لحادث سير وطلبوا الأطباء لاجراء له عملية في أسرع وقت.
وطلبت مني أن أعطيها المال ثمن العملية ، فقلت لها ثمن العملية كبير جدا ،
ولكن لن أعطيك سوى أقل من ربع الثمن.
وكان لدي الكثير من المال ولكن طاوعت غروري وكبريائي ، فقامت تتوسل لي وتقبل يدي لكي أساعدها ولكن سحبتها من يدها وطلعتها إلى خارج المنزل بدون رحمة او شفقة.
لم تتمكن من انقاذ أبنها فتوفى بعد يومين فلم أبالي حينها ،
فقلت له وماذا أيضا كيف خسرت
كل شيء.
أجاب تعرفت على أصدقاء في العمل ، وكنت مسؤولا عن الخزينة فضحكوا علي وجعلوني أخرج بعض ممتلكات الدولة وقمنا ببيعها.
وقمنا بتقاسم المال ، ولكن تفاجئت في اليوم التالي أنهم كانوا يختبرون أمانتي ، وثم قاموا بمصادرة كل ما أملكه ،
ووضعوني في السجن لأربعة أشهر.
وعندما خرجت من السجن تفأجئت أن تم سحب رتبتي وطردوني من العمل بشكل نهائي ،
وأصبحت الأن كما ترى يا صديقي لا أمتلك ثمن وجبة بسيطة لأسرتي.
لقد عدنا إلى أسوء من السابق يا صديقي ،
فبكيت عليه وندمت لأني تركته وحيدا فهذا جزاء من لا يصون النعمة.