طرف واحد
طرف واحد
كطبيعة الأشياء تبدلت حياته رأسا على عقب ككل شيء ، فبعد وفاة والده الذي احتاج قرابة العام ليعتاد على عدم وجوده ،
من كان يقوم بتوجيه النصح له حبا فيه لم يعد هناك ، أصبح ذكرى يواريها التراب.
شعر بأن ظهره أصبح عاريا معرضا لضرب سياط الدنيا التي لا ترحم.
عندما رأها في الجامعة ، أعجب بها من النظرة الأولى ، كأنها خرجت للتو من أشعار (نزار قباني).
فراشة تتنقل بين الزهور تنتقي بعناية أفضل الروائح صانعة أطيب العطور.
أفضل لحن ل (عمر خيرت) لم يقوم بتلحينه بعد ، صوت فيروز القادم من بعيد في ليالي الشتاء الباردة ،
قبلة حانية تطبعها والدته على رأسه وهي توقظة صباحا.
إذا أقبلت طغى حضورها على المتواجدين ، كشمس حارقة لا تقوى العيون للنظر إليها ،
إذا انصرفت أسدل الستار على أفضل عروض حياته.
دوما كانت حاضرة في أحلامه بفستانها الأبيض ، تجلس بجانبه متشابكي الأيدي ،
إبتسامة ساحرة تعلو شفتيها ، تجعل أعتى الرجال قوة يتحول لطفل متمنيا أن تكون تلك الإبتسامة من نصيبه.
أخرجته من الوحشة التي كان يشعر بها ، ليرى الدنيا بعينيها.
يتمنى دوما أن يظل نائما ليبقى معها ، عندما يستيقظ يشعر بسعادة بالغة ،
يتذكر ما حدث في الحلم ويدعوا الله أن يحقق له ما يتمناه.
يرتدي ملابسه محاولا قدر الإمكان أن يبدو في أبهى صورة ، ليقوم بلفت نظرها.
ينتظرها كعادته منذ ثلاث سنوات أمام بوابة الجامعة ، ليراها قادمة برفقة صديقاتها.
أميرة تنتظر قدوم زوجها الملك المظفر عائدا للبلاد بعد معركة شرسة ،
يكتفي دوما بتلك النظرة العابرة والإبتسامة وهي تلوح له بيدها ملقية علية تحية الصباح.
كانت تلك أمبر أمانيه ، دوما ما يخشى أن يواجهها ويصارحها بما يجيش به قلبه ، تردد كثيرا في فعل ذلك.
إقرأ أيضا: في رحلة ريفية رأيت مجموعة من أصدقائي يلعبون لعبة سخيفة
حتى جاء اليوم الذي إستجمع فيه شجاعته ، وقرر مصارحتها بمشاعره.
توجه نحوها ، توقف أمامها ، نظر لعينيها ، شعر كأنه يغرق بداخلهما ، ضاعت الكلمات التي ظل يرتبها ويحفظها طوال الليل.
بادرته قائلة : ماذا تريد؟
تلعثم وغزا العرق على جبينه ، لم يجد ما يقوله فرد قائلا : سأخبرك فيما بعد.
تركها وانصرف ، توجه لمكان خال في نهاية الجامعة ، دوما ما يجلس به وحيدا.
أغرقت الدموع عيناه ، أخذ يوبخ نفسه على ما فعل ، كيف يضيع فرصة قلما يجود الدهر بمثلها.
خوفه من رفضها له ، عقد لسانه ، لم يقوى على الحديث ، يخشى أن يصبح أضحوكة الجامعة إذا رفضته.
فضل أن يعيش في أحلامه الخاصه كل ليلة ، متمنيا أن يأتي اليوم الذي تشعر بحبه لها.
مكتفيا بأن يشاهدها ترتدي فستانها الأبيض ، جالسة بجواره متشابكي الأيدي ليلا في أحلامه.
خج