عدت إلى المنزل بعد يوم شاق في العمل وبمجرد فتحي الباب ، هرولت صغيرتي نحوي مسرعة ،
وتعلقت بجسدي ورددت : ماذا أحضرت لي يا أبي.
فأجبتها بنبرة ود هادئة ، جلبت لك الدنيا كلها.
قبلتني وضمت إلى صدرها كيس الحلوى الذي أهديته لها ، وركضت مسرعة نحو غرفتها ،
نزعت معطفي ، وخلعت حذائي عند المدخل ، سمعت نداء زوجتي آت من المطبخ تطلب مني الإستحمام ،
والإلتحاق بطاولة العشاء في المطبخ.
غيرت ملابسي في غرفتي ، ثم توجهت نحو الحمام.
بعد الإستحمام مررت بالمطبخ فوجدت زوجتي منهمكة في تحضير الطعام ، لم أدرك ما بداخل القدر ، لكن الرائحة كانت شهية.
حضرت بعض القهوة الساخنة ريثما يجهز الأكل ، وتوجهت إلى البهو بجانب الشرفة ،
فتحتها فاصطدم بوجهي هواء بارد ، أخذت نفسا عميقا إلى داخل رئتاي ،
ودخنت بعض الوقت مرتشفا من فنجان القهوة بين الفينة والأخرى.
تعالى نداء زوجتي من المطبخ ، الطعام جاهز.
مررت بغرفة إبنتي فوجدتها تغط في نوم عميق وهي تعانق كيس الحلوى ،
قبلتها من جبينها وغطيتها بباطانية إضافية ، ثم توجهت إلى المطبخ لتناول طعام العشاء.
بعد الأكل تبادلت أحاديث روتينية مع زوجتي على فراش النوم ، وفجأة رن هاتفي المحمول، وكان المتصل والدتي.
كانت تبكي كعادتها وهي تخبرني بضرورة عودتي إلى المنزل.
لم تقوى على الحديث أكثر من ذلك ، ثم مررت الخط لأخي الذي أضاف عبارته المعتادة ،
نحن نقدر ما تمر به من هول الصدمة ، لكن يجب ألا تبقى وحيدا في ذلك المنزل ،
عد إلينا وسيعزيك دفء عائلتك ويجيرك في مصيبتك.
إقرأ أيضا: لا عطر بعد عروس
أقفلت خط الهاتف بعد عبارة أخي الأخيرة ، نظرت من حولي فلم أجد داخل الغرفة أحد غيري ، فتملكني شعور كآبة مخيف.
توجهت إلى غرفة إبنتي ، وكان سريرها خاليا.
إستلقيت عليه وضممت وسادتها الصغيرة بين ذراعي ، وحدثت نفسي بكلمات خافتة ، أنا لست وحيدا ،
ولست مجنونا ، أنا فقط يائس ، منذ موت زوجتي وإبنتي في ذلك الحادث وأنا أشعر بالوجع والمعاناة!