قصص منوعة

عشبة خضراء الجزء الثالث

عشبة خضراء الجزء الثالث

كان من عادة عشبة خضراء أن تطل على حسن من فتحة صغيرة في الحائط وتتسلى بحديث المرضى الذين يقصون حكاياتهم ،

ولما نظرت لأبيها عرفته رغم تنكره وأرادت أن تجري وتدخل إليه لكنها تريثت قليلا ،

أما حسن فقد إحتار وسأل السّلطان كيف يمكنني مساعدتك؟

بكى الرجل وقال : أنت يأتيك كثير من الناس وهم يثقون فيك ، كل ما أريده أن تخبرني إن رأوا فتاة صغيرة زرقاء العينين ،

تهيم على نفسها في الأزقة سآتي إليك كل أسبوع وإذا أخبرتني بشيء عنها سأكافأك بسخاء.

لما خرج السلطان أتت عشبة خضراء لحسن وسألته هل عرفت ذلك الرجل؟

أجابها : لا فلم أره من قبل.

أجابت عشبة خضراء : إنه أبي سلطان هذه البلاد.

قال بدهشة ولماذا لم ترجعي معه فقلبه حزين عليك.

تنهدت الفتاة ثم ردت بحسرة : بنات عمي لن يتركنني أنعم بالهدوء وهن بارعات في حياكة الدسائس ،

لا شك أنك تعلم هذا ولا بد أن ندبر مع أبي خطة للإيقاع بهن.

لكن البنات كل مرة يكتشفن حيلة حسن وقالوا لها جواسيسها أن السلطان يذهب إلى ولد يقال أنه ماهر في الطب ،

وهو نفسه الذي كان مع عشبة خضراء.

فأرسلن عبيدهن في الليل لحرق المنزل ، ولما خرج حسن وأمه وعشبة خضراء قبضوا عليهم وجروهم ،

لكن الجيران تجمعوا وطاردوهم في الأزقة.

وحين أدركوهم سحب العبيد سيوفهم فخاف الناس ولكن في تلك اللحظة خرج من بينهم فتى ضخم الخلقة يرتدي عباءة تغطي رأسه ،

ثم انضم إليه واحد آخر يشبهه وانتزعا غصنين كبيرين من الشجرة ثم هجموا عليهم.

وتشجع النّاس وأخذوا الأحجار والعصير وأيقن العبيد أنهم في ورطة فهددوا بقتل الأميرة ،

وفجأة إمتلأت السماء بالغربان التي إنقضت على العبيد المسلحين ونقرت عيونهم.

1 3 4 10 1 3 4 10

إقرأ أيضا: قصة حب وعذاب ومن الحب ما قتل

فأنقذ الشابان الأميرة وحسن والمرأة ولما رفعا الغطاء عن رأسيهما صاحت عشبة خضراء بفرح :

سعفان ونعسان لقد وصلتما في الوقت المناسب.

أجابا الغولان الصغيران : ليس نحن فقط فلقد خرجنا مع أمنا للبحث عنك ووجدنا الراعي وتأكدنا أنك رجعت إلى المدينة ،

ولما وصلنا شاهدنا النار وسمعنا الصياح وهكذا وجدناك وأمي هي من أطلقت الغربان.

ظهرت المرأة الضخمة أزاحت نقابها فخاف منها النّاس لشدة قبحها ،

فعانقت الأميرة بحنان وعاتبتها : كيف تتركيني يا إبنتي وتذهبين هل هذا جزاء كرمي معك؟

أجابت عشبة خضراء : والله لقد إشتقت إلى والدي وكنت أنوي إخبارهما أني بخير ثم الرّجوع إلى الغابة فهي مسكني قالت الغولة :

إذا كان الأمر كذلك فسأقودك إلى قصر أبيك والويل لمن يعترض طريقي.

سارت الجموع في أزقة المدينة وتضخم عددهم بعدما عرفوا برجوع الأميرة وصاروا يهتفون باسمها وهي في المقدمة مع الغولة ،

وأبنائها وبجانبهم العبيد الأسرى يصرخون من شدة الألم في عيونهم التي ذهب بصرها.

كان السلطان جالسا مع إمرأت يتسامران حين سمعا الضجة فأطلّ من الشرفة وشاهدا المشاعل والناس تأتي إليهم ،

وقد اشتدت هتافاتهم حتى صارت تسمع في كل المدينة.

وفجأة دخل الحرس وهم يركضون وقالوا لهما : إنها عشبة خضراء وقد جاءت تحميها الناس والأغوال فقد حاول بعض أهل القصر قتلها.

صاح السلطان : إذا ما رواه حسن صحيح وأمر الحرس بالقبض على بنات أخيه الثلاثة وإحضارهن أمامه ،

لكن الأخوات سمعن بقدوم الأميرة وأدركن أنه لم يعد هناك شيء يمكن فعله.

فملأن عربة بالمال والثياب وهربن في الظلام دون أن يحس بهم أحد.

إستقبل السلطان إبنته عشبة خضراء وحسن والغولة وولديها في مجلسه وقصت الأميرة على أبيها ما حصل فأتى بالعبيد وأكدوا له ما سمعه فأمر بضرب رقابهم.

إقرأ أيضا: التاجر والمحتال

رجع الحرس للسلطان وأخبروه أن البنات الثلاثة قد إختفين ومعهن كثير من الذهب ،

فانزعج وطلب بإغلاق أبواب المدينة وملاحقتهن لكن البنات سرن بسرعة وخرجن قبل إقفال الباب الأخير ،

وأردن الذهاب لضيعة لأحد أصدقاء أبيهن لكن خرج ذئب كبير في ذلك الظلام الدامس وبدأ يعوي.

فخاف الحصان وبدأ يجري دون توقف وفي النهاية دخل غابة مليئة بالأشجار العالية ،

فتلفتت البنات حولهن ولم يعدن يعرفن الطريق وقررن الإنتظار حتى الصباح.

أما عشبة خضراء فأخبرت أباها أنها لن تعيش في القصر من الآن وتعوّدت على حياة الغابة والأكل ممّا تصطاده يداها.

حاول أبوها وأمها إثنائها عن رأيها لكن وعدتهما بالمجيئ دائما لرؤيتهما ووعدته الغولة بالعناية بابنته.

فلم يجد السلطان بدا من القبول وبعد أيام رجعت الأميرة للغابة وفي الطريق وجدت بنات عمها جالسات على الأرض ،

وهن يتضورن من الجوع بعد أن نفذ زادهن.

ولما رأتهم الغولة كشرت عن أنيابها وقالت : لقد وقعتن في قبضتي وسأطبخكن الكسكس باللحم.

بدأت البنات بالصياح وترجين عشبة خضراء أن تسامحهن.

فقالت للغولة : بإمكاننا أن نتركهن لخدمة الدار وحراثة الحقل.

رد الولدان نعسان وسعفان أنت طيبة القلب وأمنا معها الحق في قتلهن لكن الأميرة بدأت تبكي فرقت لها الغولة حسنا ،

سيعشن لكن لا أريدهن هنا وسأخرجهن من هنا ولما أوصلتهن لطرف الغابة إنتظرن قليلا حتى إبتعدت الغولة ،

ثم أخذت أالكبرى منديلا أبيض ثم تسلقت شجرة وربطته في قمتها ولما نزلت سألتها الصغرى

لماذا فعلت ذلك؟

أجابت الأختان : يا لك من حمقاء سنرجع مع عدد كبير من الصيادين والكلاب لقتل الغولة وأولادها وكذلك عشبة خضراء فسيظنون أنها أختهم.

ردت الصّغرى ألم يكف ما حصل لنا بسببها لندعها وشأنها ثم أنسيتما أنه لولاها لكّنا وسط القدر مع البطاطا والجزر.

لكن الأختان ردتا عليها : لن نستريح حتى ننتقم منها ومن أبيها أيضا وإلا لن نرجع للمدينة فهناك أصدقائنا وأهلنا.

إقرأ أيضا: عشبة خضراء الجزء الأخير

قالت الصغرى : سأطلب العفو من السّلطان لكن أمسكت بها أختاها وضربنها فهربت ،

ودخلت الغابة قالت الكبرى لأختها سنتركها هناك فلسنا في حاجة إليها ثم ذهبتا.

ولما وصلتا إلى ضيعة صديق والدها أخبرتاه أن الأغوال هاجمتهم وخطفت أختهما مريم ،

فذهب الرجل إلى أهل القرية التي بجواره وطلب معونتهم لإنقاذ البنت المخطوفة وقتل الأغوال التي تسكن الغابة ،

فتجمع الصيادون وجائوا بالكلاب وقادتهم البنتان إلى المكان الذي وضعتا به المنديل.

وبعد ثلاثة أيّام وصلوا إلى هناك ودخلوا وسط الأشجار وقد علا نباح الكلاب ،

لما وصل القوم إلى دار الغولة لم يجدوا أحدا فقالت البنت الكبرى لأختها :

لقد كانوا ينتظرون قدومنا ويبدو أن تلك الشريرة أختنا مريم أخبرتهم بما عزمنا عليه والويل لها لو قبضنا عليها.

ولم يمر وقت طويل حتى سمعوا صوت بوق وصاح أحد الصيادين :

جيش السلطان يقترب ، علينا أن نبتعد من هنا فمنذ قديم الزمان يعيش الأغوال في هذه الأرض لا يخرجون منها ولا يقترب منهم أحد.

قالت الأختين : أرجوكم أختي الصغيرة في خطر لكن الصيادين هربوا ومعهم الرجل صاحب الضيعة ،

ونادى على الفتاتين لتتبعانه لكنهما رفضتا واختفتا وراء الأشجار.

ومن بعيد رأتا الجيش وأختهم مريم ومعها سعفان وهو يمسك بيدها توقف الغول الصغير وقال للبنت :

شكرا لك على إخبارنا بمكيدة أختيك والآن تعالي إلى المغارة التي إختفت فيها الأميرة عشبة خضراء مع نعسان ونخبرها أن أباها جاء لإنقاذها.

كانت الأختين تستمعان مما يقوله الغول ثم مشتا ورائه ببطئ حتى رأتا الأميرة تطل برأسها من شق وسط الصخر ،

فالتقطت كل منهما عصا وهمتا بضربي عشبة خضراء على رأسها.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?