عندما جاء الأمر لإبليس بالسجود ، كان نظره مقتصرا على السجود لسيدنا آدم فقط ، ولم يلتفت للقضية الأهم والأكبر!
إنها قضية أمر الله عز وجل : {قَالَ مَا مَنَعَكَ ألَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}.
مرت عقود وظهر خريج آخر من هذه المدرسة ، وهو إبن سيدنا نوح ،
فقد نظر إلى الطوفان نظرة سطحية ساذجة ، وتعامل معه كأنه قضية مناخ صعب ، أو ماء في حالة فيضان فقال :
{قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}.
فالعصمة والنجاة في نظره هي فقط من الماء ، وكان نظر والده سيدنا نوح أعمق ،
إذ بين له أن القضية أكبر من مجرد ماء غامر ، بل هي قضية أمر إلهي :
{قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} ،
ولم ينتظر الموج إنتهاء الحوار بل {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ}.
لا تزال تلك المدرسة يتخرج منها الكثير حتى يومنا هذا ويتّبِعون خُطاهُم.
الصلاة مجرد حركات ، الحجاب مجرد غطاء للرأس ، والحج مجرد طقوس ، ورمضان مجرد رجيم جيد.
ونسوا أن القضية أكبر من ذلك ، إنها قضية أمر إلهي من الخالق ؛
وحتى لا تتلوث بظلال تلك المدرسة ، أنظر أولا إلى من هو الآمر ، ثم ما هو الأمر.
الآمِر : هو الله الخالق.
والأَمر : هو إختبار بالتسليم من الله الخالق.
والله لا يأمر خلقه إلّا بما ينفعهم ، وبما هو خير لهم ، وهو العليم الحكيم.