غضب الكواسر قصة قصيرة
يحكى في عصور المماليك والأباطرة ، كانت مملكة ظالمة تقسوا على أفراد شعبها بطريقة قاسية.
إذ جعلت منهم عبيدا يخدمون ملاكها وأمرائها وذوي النفوذ والسلطة دون رحمة ،
ينهبون كل ما يملكونه ويقومون بإجبارهم على دفع ضرائب أكبر من قدراتهم.
كان من بين أفراد شعب تلك المملكة شاب قوي البنية بهي الطلعة مليح المظهر ذو عقل ،
مدبر وحكمة في بعض الأمور التي تخص من يقربه.
عندما رأى من سوء وقسوة تعامل الحكام على الفقراء والبسطاء الذي ينتمي إليهم ،
لم يعد يتحمل الوضع الذي خرج عن السيطرة ، خاصة أنهم توصلوا لإعدام البعض منهم عندما لا يستجيبون لطلباتهم ،
وتسديد الضرائب المبالغ فيها ، فقرر أن يفعل شيئا حياذ ما يتلقونه من هوان.
أول أمر قام به هو تغيير شكله ليجعل من نفسه متسولا.
فلبس ثيابا مهترئة متسخة وحذاء ممزق وقام بتطويل لحيته وشاربه ووضع قلنسوة تكاد تغطي عيونه.
حتى لا يظهر عليه الشباب ، وبدل ذلك يوهم لكل من رآه بأنه عجوزا كهلا لا حول له ولا قوة يستكين للمارة حتى يمنحوه صدقة.
فأخذ مكانا قرب القصر حتى يلتقط كل تحركات الحكام وجيشه الطاغي.
كان الشاب على ذاك الحال قرابة شهرين متتاليين ، يدرس فيها بالتقريب عدد حراس القصر وحاشيته ،
كذلك متى وأين يدخلون ويخرجون جيشه.
من هم الذين لهم سلطة أكبر على تنفيد جمع الضرائب ولمن تعطى؟
وغيرها من الأمور والتفاصيل الصغيرة التي تساعده بعد ذلك على تنفيذ مهمته التي برأسه بطريقة ميسرة.
إقرأ أيضا: وجدان التي عاشت مع الغزلان الجزء الأخير
وعندما إنتهى من جمع أكبر المعلومات خلع ثوب الذل والتسول ، ولبس بدله ثوب القوة والشجاعة ،
ثم جمع زينة وخيرة الشباب من مملكته بسرية تامة وطلب المساعدة أيضا من أصدقائه في المماليك المجاورة ،
وأخذهم إلى المكان الذي جهزه قبلا طيلة الفترة التي كان يستعد فيها للمهمة الكبرى ،
للنيل من الطغيان المتكرر طيلة السنين الفارطة.
أخذهم إلى مكان ناء قرابة الجبل الممتد للجزيرة العربية.
هناك هيأ لهم كل وسائل التدريبات من بعض المختصين في القتال الذي إستأجرهم بالمال الذي كسبه من التسول ،
وبعض المساعدات من الذين يملكون المال.
كما وفر لهم السيوف والخناجر الحادة والرماح حتى يتدربون على كيفية استعمالها والطريقة الصحيحة للقتال بها.
وأثناء التدريبات كان الشاب يضع مخططا دقيقا كخريطة يوزع فيها المجندون ،
ليحاصروا القصر ويستولون على السلطة التي دمرت إنسانيتهم عبر أجيال.
مرت شهور أخرى والمجندون يتدربون بكل طاقاتهم وإصرارهم وتأكيدهم على عزمهم بالفوز مهما كلفهم ذلك من جهد وتضحية.
حتى حان اليوم الموعود وبدأت الحرب الأهلية بين الفئة من الشعب التي اسمت نفسها بالكواسر ،
وبين حكامها بقيادة ذاك الشاب الفحل.
كانت البداية هو قيامهم بغزوهم المفاجئ على كامل الإصطبلات الملكية وأخذوا كل الجياد الأصيلة المتمكنة من خوض المعارك بحزم.
بعدها ودون سابق إنذار انقضوا على الجيش الملكي وهو نائم في عقر مقره ،
هنا فقط اندلعت الحرب وعلى إثرها دقت الأجراس لتعلن الخطر الذي أحيط بكامل المملكة.
إقرأ أيضا: قصة غريبة بعض الشيء حدثت في إحدى الشقق المجاورة لمنزلي
حيث قضوا على كثير من الجنود ، وأسروا البعض ، واستولوا على معداتهم وأسلحتهم.
ثم دخلوا القصر ولم يتطلب منهم وقتا طويلا حتى أعلنوا السيطرة عليه ،
وقبضوا على الأعوان الذين كانوا سببا في إضمار كل هذا العنف والحقد لشعبهم.
كما صادروا كل الخزائن وتملكوا كل ما فيها من موارد ،
وعندما وصلوا للرأس الكبير ألا وهو الحاكم الأعلى تجبرا ، لم يتمكنوا من اللحاق به.
ففي وسط كل تلك الفوضى استطاع الفرار مع أفراد عائلته عبر الممرات السرية خارج المملكة.
بعدها مرت سويعات فقط حتى أعلنت الكواسر عن نجاحها في المهمة والسيطرة على كامل المملكة ، وسقوط نظامهم السابق.
لذلك قرر الجميع أن يقوموا بانتخاب حاكمهم الجديد من طرف شعب المملكة الذي كان شرطهم الوحيد أن يكون عادلا يحترم رعاياه ،
ويكون يدرك ويشعر بمعاناتهم واحتياجاتهم ، وبالأخير لم يجدوا سوى ذاك الشاب الباسل صاحب فكرة التغيير الشامل لحياة أفضل.
حيث منذ زمن طويل لم يجرؤ شخص سواه أن يقول كلمة حق وهي ، لا للظلم.