فوائد من حديث المسلم أخو المسلم
فوائد من حديث المسلم أخو المسلم
عن ابن عمر رضي الله عنهما أَن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :
المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ،
وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَة ، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ.
تخريج الحديث :
أخرجه البخاري (2442) ، ومسلم (2580).
الفائدة التاسعة : فضل الستر على الناس ولا سيما أهل الصلاح ؛
عملا بقوله صل الله عليه وسلم : ومن ستر مسلما ، ستره الله يوم القيامة.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صل اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ ، فَقَالَ :
“يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ ، لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِم ،
فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ” [أخرجه الترمذي].
وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صل الله عليه وسلَّم :
«مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ، سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ، كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ».
وقال صل الله عليه وسلم : من غسل ميتًا فستره ، ستره الله من الذنوب ،
ومن كفن مسلما ، كساه الله من السندس”؛ [السلسلة الصحيحة للألباني (2353)].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صل اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
“«أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ»”؛ [أخرجه البخاري في “الأدب المفرد “(468) وأبو داود (4375) واللفظ له].
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
تَعَمَّدْنِي بِنُصْحِكَ فِي انْفِرَادِي
وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ فِي الجَمَاعَةْ
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ مِنَ
التَّوْبِيخِ لاَ أَرْضَى اسْتِمَاعَةْ
وَإِنْ خَالَفْتَنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي
فَلاَ تَجْزَعْ إِذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَهْ
وجوب ستر المسلم على نفسه :
إقرأ أيضا: لا تغضب
قال صل الله عليْه وسلَّم : “كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ،
ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولَ : يَا فُلاَنُ ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ،
وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ”؛ متفق عليه.
وقال النبي صل الله عليْه وسلَّم : “اجتنبوا هذه القاذورة ، فمَن ألَمَّ فليستتر بستر الله ، وليتب إلى الله ؛
فإن مَن يُبدِ لنا صفحتَه نُقِم عليه كتاب الله”؛ [السلسلة الصحيحة للألباني (663)].
والمجاهرة بالذنب تؤدي إلى التهاون به وفيه من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ؛ قال تعالى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ﴾ [النور:19].
قال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله تعالى :
يجوز الستر على المسلم إذا لم يكن من أهل التهاون بالمعاصي ، ولم يعرف عنه كثرة إقتراف الذنوب وارتكاب المحرمات ،
ففي هذه الحالة ينصحه ويخوفه ويحذره من العودة إليها ،
أما إن كان صاحب عادة وفسوق ، فلا تبرأ ذمته حتى يرفع أمره إلى من يعاقبه بما ينزجر به ،
أما إن كانت المعصية في حق لآدمي كأن يراه يسرق من بيت أو دكان ، أو رآه يزني بامرأة فلان ،
فلا يجوز الستر عليه ، لِما فيه من إهدار حق الآدمي ، وإفساد فراشه ، وخيانة المسلم ،
وكذا لو علم أنه القاتل أو الجارح لمسلم ، فلا يستر ويُضيِّع حقَّ مسلم ، بل يشهد عليه عند الجهات بأخذ الحقوق ، والله تعالى أعلم.