فيما كان يطوف في السوق ، إذ مرت به إمرأة تحمل فوق رأسها جرة من فخار قديم.
فقال لها: ماذا تبيعين يا امرأة؟
قالت: أبيع السمن! فطلب أن يُعاين البضاعة بنفسه ويراها بعينيه.
وبينما هي تُنزل جرة السّمن من فوق رأسها ، إذ وقعَ منها بعض السمن على ثيابه!
هنا غضب الرجل غضباً شديداً وهدّد وتوعّد ، ثم قال لها: أعطيني ثمن الثوب الذي أفسدته يا امرأة!
إعتذرت منه المسكينةُ ولكن دونما جدوى.
هنا سألته عن ثمن الثوب فقال لها: 1000 درهم!
فقالت له: ومن أين لي بألف درهمٍ يا سيدي؟! ارحمني ولا تفضحني.
وبينما هو يتهدد ويتوعد ، إذ أقبل شابٌ عليه ملامح الوقار ، فسأل المرأة عن شأنها!
فقصّت عليه الأمر وبيّنته.
قال الفتى للرجلِ أنا أدفع لك ثمن الثوب، وأخرج ألف درهم وبدأ يعدّها على العلن وأعطاها للرجل.
أخذ النقود وهمّ بالرحيل ، ولكن الشاب استوقفه وسأله من جديد : هل أخذت ثمن الثوب؟
أجاب نعم.
قال الشاب: فأعطني الثوب؟
قال الرجل: ولم !؟
قال الشاب: أعطيناك ثمنه فأعطنا ثوبنا!
قال الرجل: و أسير عارياً؟
قال الشاب: وما شأني أنا!
قال الرجل: وإن لم أعطك الثوب؟
قال: تعطينا ثمنه.
قال الرجل: تقصدُ 1000 درهم؟
قال الشاب: لا، بل الثمن الذي نطلبه؟!
قال له الرجل : ولكنك دفعت لي ألف درهم منذ قليل!
فقال الشاب: والآن أريد ثمنه 2000 درهم.
فقال له الرجل: ولكنّ هذا كثير!
قال الشاب: فأعطنا ثوبنا
قال الرجل: أتريد أن تفضحني!
قال الشاب: كما كنت تريد أن تفضح المرأة المسكينة!
إقرأ أيضا: فكر قبل أن تعمل
فقال الرجل: هذا ظلم!
قال الشاب: الآن نتكلم عن الظلم؟! وما قمت به ألا يسمّى ظلماً (بل هو عين الظلم).
خجل الرجل من فعلته ، ودفع المال للشاب كما طلب.
ومن فوره أعلن الشاب على الملأ أن المال هديةٌ للمرأة المسكينة.
نعم يا إخوتي ، فإدارة النزاعات تتطلب حكمة وتضحية.
ألا ليتَ كل ظالمٍ يفكر للحظةٍ أنه لو دارت عليه الدنيا وصار في مكان المظلوم يوماً فكيف سيكون حاله.