في بداية زواجي سافرت للكويت وبدأت حياة جديدة لا بد فيها من التعرف على صديقات جديدات ،
التقيت بامرأة فاضلة وكانت تلك هي المرة الأولى التي ألتقي فيها بشخصية هادئة جدا جدا ،
إيقاع تفاعلها بطيء للغاية ، وأقصد هنا كل شيء ، حركاتها ونظراتها وردود أفعالها وسلامها علي وضيافتها لي ،
أحببتها للغاية لدينها ولخصالها الطيبة وأدركت حينها أنني لا بد أن أساير ترددها البطيء وأكبح زمام نفسي عندما أكون معها.
فقد كدت أقوم من مكاني وأفعل كل شيء ببيتها ، لكنني لم أفعل.
ثم زارتني كريمة أخرى وكانت سريعة جدا وانفعالية للغاية ، تتحدث كثيرا وتزورني فجأة فيضج المكان ،
وأعرفها من طريقة دقها لجرس الباب ، على عجلة دائمة حتى أنها لو فتحت صنبور الماء من فرط عجلتها لا تغلقه تماما ،
فأدركت أن هناك نوع آخر من البشر أسرع مني في كل شيء ،
ولا بد أن أساير سرعته قدر استطاعتي ولكن ليس على حساب حياتي الشخصية ،
فتلك العجلة لا تصلح للقرارات التي تخص بيتي وحياتي.
فكان لا بد من بعض الحرص ، أحببتها للغاية فقد كانت تكثر من الصدقات والصيام ولطيفة تسأل عني وإن غبت عنها.
ثم التقيت بفاضلة من جنسية أخرى كانت تحسب الحساب لكل شيء بالقلم والمسطرة ،
وبشكل مبالغ فيه يرهق الطرف الآخر فتجد نفسك مقيدا وأنت تتعامل معها وكأنك تجلس أمام مديرة المدرسة ،
تخشى أن تتأخر على موعد الزيارة ، وتخشى أن تقول شيئا لا يوافق رأيها ، وعلى الرغم من حبي الشديد لها باعدتنا الأيام ،
فأدركت أن هناك أشخاص رائعون لكن قربهم مرهق نفسيا.
والتقيت برابعة وهي ممن يعرفون الآن بالفمينست ، فزوجها عدوها!
نعم والله هذا ما شعرت به ، بالتأكيد لم أعجبها فنحن مختلفتان تماما ،
فانصرفت عني ولله الحمد مع الحفاظ على رباط رفيع من المعرفة اللائقة اجتماعيا.
إقرأ أيضا: تعطلت إحدى السفن التجارية وهي في البحر
هكذا نحن جميعا ، ترددات مختلفة لأصوات أرواح هائمة في ملكوت الله ، لكل منها صدى يميزه ،
قد نختلط لكننا نعود فننفصل برفق ، نتشابه أحيانا فنغرد معا ، وقد نشذ عن بعضنا البعض ونختلف ، لكننا في النهاية في نسيج واحد.
تأملوا كيف يقف كل هؤلاء للصلاة كصف واحد دون أن يلتفت أحدهم ، فيسكن المضطرب ويهدأ ،
ويشد الحالم همته وينشط مع رفقته ، فرقتهم الطباع وجمعتهم (الله أكبر)!
فالنصبر على أنفسنا وعلى الآخرين وكأننا في صلاة!