في سنة 1947 سأل المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي مالك بن نبي السؤال التالي:
لماذا الحضارة الغربية مستمرة بينما الحضارة الإسلامية إنتهت؟
فأجابه بن نبي : “لماذا ؟!
لأن في ثقافة الغرب ثقبا ذا مساحة كبيرة تمُر به دون أن تدري ، ولذلك أنت تحكم هذا الحكم ،
فأنت منذ طفولتك تدرس أن الحضارة إبتدأت في أثينا ، واستمرت ستة قرون إلى أن وصلت روما ،
وانتهت في القرن الخامس الميلادي.
لو وضعت هذا المقياس على محور التاريخ ترى أن الثغرة ما بين 450 إلى 1453 هي تقريباً ألف سنة.
أنتم تعتبرونه فراغا في التاريخ ،
ولكنها هي بالضبط الحضارة الإسلامية ،
فلو عزلنا الحضارة الإسلامية أو الحضارات القديمة عن الحضارة الحديثة لا يمكن أن يكون لهذه الحضارة من أُسس تقوم عليها ،
إلا إذا كان بالإمكان أن تقوم الحضارة على العبث!
يقول بن نبي :
“استحى غارودي من سؤاله حين أجبته”!
ومن بعد أقرَّ غارودي بوجود ذاك الثقب المعرفي في رأسه حتى وهو يحمل أعلى الدرجات العلمية.
وقد جاء ذاك الإقرار في وصيته الفلسفية التي كتبها ، بعد ثمانية وثلاثين سنة من سؤاله لبن نبي (1985)، تحت مسمى “مذكرات القرن العشرين”
التي يقول في الفصل الأول منها: “أنهيت دراستي الفلسفية ،
وحصلت على كل الدرجات : ليسانس ، الأستاذية ، دكتوراة الدولة ،
مع بقائي في جهل مطبق بالفلسفات غير الغربية”!
ما قام به مالك بن نبي سنة 1947 هو سد الثقب المعرفي في رأس غارودي ،
وإن لم يقر هذا الأخير بشيء من الفضل في ذلك لمالك!
ولكن من لحظتها إبتدأ عقل غارودي يمتلئ شيئاً فشيئاً بالإسلام إلى أن فاض بإعلان الشهادتين (سنة 1982).
رحمهما الله .