في ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ أمسكت إﻣﺮﺃﺓ يابانية في مدينة اﻟﺨﺮﻃﻮﻡ بطنها ﻭصارت تصرخ من الألم.
ﻫﺬﻩ الصرخة أنجبت ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ إﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺃﻋﻈﻢ مستشفيات ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ.
فهذه ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻭﺟﺔ ﺳﻔﻴﺮ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﻛﺎﻧﺖ في الوقت نفسه إﺑﻨﺔ إﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ.
ومع إستمرار صراخها إستنجد ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ السودانية ، ﻭوجهته ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﺤﺮﻱ.
لكن الرﺟﻞ إنطلق ﺑﺰﻭﺟﺘﻪ ﺇﻟﻰ أقرب مستشفى لإسعافها وﻫﻨﺎﻙ وجد ﺍﻟﺤﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﻄﺎﺓ ﺑﺎﻟﻘﺎﺫﻭﺭﺍﺕ ﻭالأرﺽ ﺍﻟﻤﺒﻘﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ.
فطلب ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﻔﺰﻭﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﺮﻡ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ (ﻟﺘﺴﻜﻴﻦ) ﺃﻟﻢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ.
لكن ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ”ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ” نظر ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﻭقال له ﺑﻬﺪﻭﺀ :
ﻣﻌﺬﺭﺓ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻫﺬﻩ ﺑﻘﻲ ﻟﻬﺎ ﺳﺎﻋﺘﺎﻥ ﻟﻠﺠﺮﺍﺣﺔ ، أو ﺍﻟﻤﻮﺕ.
ﻭﻟﻌﻠﻪ ﺍﻟﻔﺰﻉ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﻫﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ
ﻳﺴﺄﻝ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻋﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ ، فأجابته :
ﻧﻌﻢ ، أﺧﻀﻊ ﻟﻠﺠﺮﺍﺣﺔ ﻫﻨﺎ.
ﻭأجرى الدكتور ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺮﺍﺣﻴﺔ بالأدوات البسيطة ،
ﻭبقي ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﻳﻨﺘﻈﺮ في الخارح ويهيء نفسه لسماع ﻧﺒﺄ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ.
ﻟﻜﻦ باب غرفة العمليات فتح وخرجت ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺗﻤﺸﻲ مقبلة عليه.
فطار بها ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﺿﺨﻢ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ، ﻓﻬﻲ إبنة ﺍلإﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ.
ﻭﻫﻨﺎﻙ أخضعوها للفحص الدقيق ،
ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ تسأل
السفير :
ﺃﻳﻦ ﺃﺟﺮﻳﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ؟
إقرأ أيضا: فتح المعلم منفعلا باب الإدارة دافعا بالطالب إلى المدير
ﻗﺎﻝ : ﻓﻲ ﺑﻠﺪ بأفريقيا إﺳﻤﻪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ، ﻭﻃﺒﻴﺐ إﺳﻤﻪ : ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﻣﺎﺫﺍ ﻫﻨﺎﻙ ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻫﺬﺍ ﻃﺒﻴﺐ ﻣﻌﺠﺰﺓ ، ﻭﻟﻦ يحول شيء ﺩﻭﻥ ﺩﻋﻮتنا لهذا ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ.
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻠﺒﺮﻭﻓﻴﺴﻮﺭ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ أتت ﻣﻦ إﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ اليابان نفسه.
ﻭﻫﻨﺎﻙ سألوه : ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺘﻤﻨﻰ ، ﺃﻃﻠﺐ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ.
العجيب لم يطلب شي لنفسه!
بل ﻗﺎﻝ : أﻃﻠﺐ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ، ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﺪﻳﺚ ،
فكان ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ إﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺑﻤﻌﺪﺍت ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺟﺪﺍً ، ﻭالتي ﺗﺠﺪﺩ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ.
توفى هذا الجراح القدير ، د.زاكي الدين أحمد حسين يرحمه الله.
توفى دون أن يدري أحد به.
لا موكب مهيب ولا وداع يليق.
لأنه عالم جليل محب لبلده منكر لذاته ،
فكيف نسمع عن رحيله.