قالت إمرأة تحكي قصتها
قالت إمرأة تحكي قصتها :
أنا مهندسة وقد تم تعييني في مكان مرموق ،
تقدم للزواج مني زميل من زملائي في العمل.
أنا شخصية عقلانية ، ولست عاطفية.
بحثت مع أمي ظروفه ، ميسور الحال ، والداه محترمان ، تم الزواج.
أغرقني بمشاعره ، التي لم أعرف كيف أستقبلها.
أنا شخصية عقلانية ومنهجية ، أما هو فشخص عاطفي جدا لدرجة البكاء أحيانا.
أنجبت رقية.
هي ووالدها يحبان الأحضان والحركة ، ومتكلمان ، ويتحركان دوما ، وليسا عقلانيين ،
وكنت أكره ذلك.
ثم أنجبت ريهام.
مثلي تماما عقلانية تتحدث بحساب ، أشعر معها بالإرتياح.
بصراحة أعترف أني كرهت من داخلي شخصية رقية ، لكن كان عندي أمل أن تتغير لكثرة الإنتقاد وتتحول لشخص هادئ.
لكن ما حدث هو أنها بقيت حركية ، لم نتفق على شيء ، كنت أكره ذلك!
كنت دوما أقارن بين ريهام العاقلة وبين عشوائية الأخرى ، أو بالأحرى بين رزانة ريهام وتهور رقية.
زوجي كان يميل لرقية وكان يصفني بالجفاء العاطفي.
كنت أرتقي في عملي ، سعيدة.
لكني لاحظت مع تقدم البنات بالسن ميل رقية إلى أبيها وحضنه وتباعدها عني وكرهها
لإنتقاداتي.
أما ريهام فهي مريحة وعاقلة.
لكن فجأة! مات زوجي في حادث مروري ،
وكانت رقية بالإعدادية ، وريهام سادس إبتدائي.
شعرت أن سهما إخترقني ، رحيل الزوج بالفعل عصيب.
تذكرت جفائي معه ، وشعرت بحرقة قلب ، لكن رقية منهارة تماما.
إقرأ أيضا: رجل يقول ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻲ زوجتي ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ
وبعد الإنهيار مندفعة ومتهورة وتشعر أنها بلا ضابط ولا رابط ، وريهام حزينة.
فوجئت أن رقية دوما في إنعزال وتتباعد عني وعن أختها ،أصرخ في وجهها ، تصرخ في وجهي!
ثم مرة هددتني أن تترك البيت واتهمتني بعدم حبي لها.
و بالفعل ، تركت البيت.
كنت كالمجنونة أبحث عنها ، إلى أن كلمني والد صديقتها وأخبرني بوجودها مع إبنته وزوجته.
بكيت بحرقة ، ربما أكثر من يوم وفاة زوجي!
ما الذي ينفر هذه البنت مني؟
أنا محددة حازمة صارمة لكن لست طويلة اللسان ولا أضربها ، إلا نادرا!
مثلها مثل أبيها نفس العاطفة المفرطة التي لا أحبها.
طلب والد صديقتها أن يراني ويتحدث معي.
هو طبيب نفسي قال لي أن رقية محبة أحضان ، وأنها تفتقدني وتشعر بكراهيتي لها وتفضيلي لريهام عليها.
قلت له طبيعي لأن ريهام أعقل.
قال لي جملة عجيبة ( رقية مختلفة عنك ، أحبي إختلافها ) أولادنا ليس من الضروري أن يشبهوننا!
الحياة تحتاج الجميع ، (رقية مشوهة النظرة لنفسها وتقول أنك لا تحبينها)
شعرت بالضيق الشديد ، قلت للطبيب (أحبها والله لكن ، قاطعني إبنتك مختلفة الطباع عنك هذا ليس سوءاً فيها.
لم اقتنع ! وعادت فأعطيتها محاضرة طويلة في الأدب ، وبكت كثيرا.
لاحظت بعدها أنها أصبحت أكثر إنعزالية ، ساكتة دوما ، تحتضن ذكريات أبيها.
ريهام مريحة وتفهمني وأفكر دائما ؛ ما فائدة هؤلاء العاطفيين أنهم عبئ على العقلانيين ،
هي وأبوها الله يرحمه شخصيات مريعه.
مضت حياتنا في صراع ، تزوجت رقية من شخص عاطفي مثلها دوما ، يقول لي يا ماما وأنتي مثل أمي.
المهم أنها ذهبت من البيت ريهام حبيبتي تزوجت من دكتور بالجامعة ،أصبحت وحدي.
إقرأ أيضا: قصة سَبَقَ السيفُ العَذَلَ
بعد فترة ، فاجأني صابني مرض خطير.
ردود ريهام العقلانية أهدأي تجلدي.
رقية تبكي من أجلي ، وتدعو الله لي كثيرا.
عندي موعد الطبيب ، رقية تحمل إبنها الرضيع وتكون عندي بسيارة زوجها قبل الموعد.
أما ريهام فتعتذر لأنها لديها تعب الحمل وأيضا لا تستطيع ترك إبنها وحده!
أول مرة بحياتي وأنا مريضة ، أعرف أن العواطف لها قيمة.
حضن رقية يهون علي آلامي ، رغم أني لم أحبه أبدا.
أشعر أني وأنا في الخمسين طفلة.
زوج رقية يقول لي من قلبه سلامتك يا ماما.
كيف كرهت العواطف والعاطفية؟
ريهام حزينة ، لكن دعمها بحساب تماما مثل شخصيتها ، أما رقية وزوجها دعمها وعطفهما بلا حساب!
بكيت من قلبي وتذكرت سابق حياتي ، إحتضنت رقية ، كم هو جميل حضنها ، بكت وبكيت.
هل في العمر متسع لأستمتع بما لم أفهمه؟
أم أن الأجل قد دنا؟
دعوت الله من قلبي يا رب اشفني وامنحني العمر كي أسعد بابنتي المختلفة عني.
وبالفعل تم شفائي والحمد لله رب العالمين ،
أنا ورقية لا نفترق ، أشعر أني إكتشفت كنزا!
كلامها يؤنسني وحضنها يهدئني.
لا تكرهوا إختلاف أولادكم ، بل أحبوا اختلافهم وتقربوا منهم.
لا تشوهوا نظرتهم لأنفسهم بسبب أنهم لا يشبهونكم ، أنا ورقية نحيا أسعد أيامنا.