قصة الجدة الطيبة التي تعيش مع حفيدها الوحيد واسمه حديدان

قصة الجدة الطيبة التي تعيش مع حفيدها الوحيد واسمه حديدان

كان يا مكان في قديم الزّمان ، جدّة طيّبة تعيش مع حفيدها الوحيد واسمه حديدان في قرية خضراء جميلة ،

وكانت تلك الجدة تحب حفيدها حبَّاً جما ، تدلله ، وترعاه.

وذات صباح ، قدمت الجدة إلى حديدان كوباً من الحليب وقطعتين من الجبن ورغيفاً كبيراً خبزته لتوّها على التنّور.

نظر حديدان إلى الرغيف ، وجده ممطوطا ، قلب شفتيه وقال :

ما هذا يا جدتي؟ الأرغفة الّتي تصنعينها عادة دائرية ، أمّا هذا فشكله بشع ، ثمّ دفعه باشمئزاز.

انحنت الجدة على الرّغيف ، أمسكت به ، قبّلته ، ثم قالت :

بشع!؟ أَبَعد تعبي أسمع منك هذه الكلمة؟ كنت أتوقّع منك –على الأقل- كلمة (شكراً) ،

لقد أفقتُ قبل بزوغ الشّمس ، أوقدت التنور ، عجنت ، رققت العجين ثم خبزت ،

وبعد كل هذا التعب تقلب شفتيك مستاءً ، وترمي بالنّعمة على الأرض؟

أف ، وماذا حصل؟ هل خربت الدّنيا؟

نعم خربت ، لأنّك لا تعلم أنّ الرّغيف الذي رميته كلّف جهدا وتعبا كبيرين.

جهد ، تعب! أنا أستطيع على الرّغم من صغري ، صنع رغيف أفضل من رغيفك بكثير.

رَكَزَتِ الجدّة نظّارتها على أرنبة أنفها ، وبعد تفكير عميق ، قالت :

طيّب ، أنا زعلانة منك ، ولن أرضى حتّى تصنع الخبز بنفسك ، هيّا ، أرني شطارتك.

نهض حديدان مصمما ، توجه إلى التنور المطلي بهباب الفحم ، وقف أمامه ، وقال :

يا تنّور يا حزين ، يا خبّاز العجين ، أعطني رغيفاً مدوَّرا ، كي أريه لجدّتي ، فترضى عنّي.

فتح التّنور فمه الكبير ضاحكا ، وقال بصوت لا يخلو من صدى :

وكيف أعطيك الرّغيف وأنا بحاجة إلى الحطب؟

إقرأ أيضا: قصة هينة الجزء الأول

ومن أين آتيك بالحطب؟

بسيطة ، الحطب موجود في الجبل.

صعد حديدان الجبل ، وقف على رأسه ، صائحا :

يا جبل يا كبير ، يا مخبأ العصافير ، أعطني حزمة حطب.

قهقه الجبل ، فتدحرج بعض الحصى ، قال :

كيف أعطيك الحطب وأنا بحاجة إلى فأس؟

فأس! وكيف أحصل عليها؟

الفأس عند الحدّاد.

هبط حديدان الجبل ، توجه إلى الحدّاد ، رأى رجلاً قويّ البنية ، مفتول الزّند ، يضع الفحم في بيت النار ثم ينفخه بالكير.

يا حدّاد يا خبير ، يا نافخ الكير أعطني فأساً.

وقف الحدّاد، مسح عرقه بقفا كفّه ، وقال :

أمعك نقود؟

أدخل حديدان كفّيه في جيبيه ، وأخرجهما فارغتين.

لا ، أنا لا أملك نقوداً.

إذا كيف سأعطيك الفأس؟!

دمعت عينا حديدان ، واستدار راجعا ، فنَاداه الحداد :

هيه ، أنت ، تعال يا عين عمّك ، احكِ لي ما هي قصّتك ، ولماذا تريد الفأس؟

مسح حديدان دموعه بطرف كمّه، ونشق قائلاً:

جدّتي زعلت منّي ، ولن تكلّمني إلاَّ إذا صنعت لها رغيفاً مدوَّراً ، ذهبت إلى التّنور فطلب حطبا ،

والحطب في الجبل ، والجبل بحاجة إلى فأس ، والفأس موجودة عندك.

إقرأ أيضا: قصة قيدني يا أبي

ابتسم الحدّاد ، اقترب من حديدان مربّتاً على كتفيه ، قائلا :

ما دمت تريد إرضاء جدّتك ، فأنا سأعطيك الفأس ، لكن بشرط.

ما هو؟

أن تساعدني بصنعه.

موافق.

شمّر حديدان عن ساعديه ، أمسك مطرقة ، وراح يطرق الحديد المحمّى.

وعندما انتهيا من صنع الفأس ، حملها حديدان شاكرا ، ركض إلى الجبل ، احتطب ،

وضع حزمة الحطب والفأس على ظهره ، ومشى صوب التّنور.

أوقد حديدان التّنور ، عجن العجين ، رقه ، وعبثاً حاول صنع رغيف ، فمرّة يصنعه ممطوطا ،

ومرّة مثقوبا ، وأحياناً كثيرة يحرقه ، فيصبح أشبه بقفا طنجرة.

وقف حديدان مستسلماً ، مسح عرقه ، تذكّر دفعه للرغيف ، وقال :

ما أغباني ، حسبت الأمر سهلاً ، ما العمل ، كيف سأرضي جدّتي؟

شعر بيد تمسح على شعره ، التفت ، رأى جدّته مبتسمة ، تقول :

أظنّك قد تعلّمت درساً مفيداً ، لقد رضيت عنك ، تعال ساعدني ، لأخبز لك رغيفاً مدوَّراً يشبه القمر.

Exit mobile version