قصة الملك والوزير أحداثها مثيرة ونهايتها رائعة
في صباح أحد الأيام ، خرج النعمان بن المنذر أحد ملوك الحيرة للصيد مع مجموعة من حراسه ،
وبينما هم في الطريق قامت عاصفة شديدة فتفرقوا وضل النعمان طريقه.
سار النعمان في الصحراء يبحث عن حراسه لعلّه يجدهم ، وبينما هو کذلك وجد کوخا علی البعد ،
فانطلق نحوه لعله یجد من يرشده إلى طريق العودة ، وصل النعمان إلى الکوخ الصغیر ، وربط جواده في جذع نخلة ،
وتقدم وطرق باب الکوخ ، ففتح له صاحب الدار وهو رجل یدعی حنظلة ، قال النعمان :
لقد ضللت طريقي ، فهل تأذن لي بالجلوس عندك حتى الصباح ، رحب حنظة بالضيف وأكرمه ،
وقدم إليه الطعام والشراب ، ولم يكن حنظلة يعلم أنه ملك الحيرة.
وفي صباح اليوم التالي قال النعمان : يا حنظلة إعلم أنني النعمان بن المنذر ملك الحيرة ، وأود أن أكافئك على ما فعلته معي.
قال حنظلة : شكرًا لك يا مولاي الملك ، ردّ النّعمان : أنت تعرف طريق بلادي فإن أردت شيئا فلا تتردد في الحضور إلي.
وعلى باب الكوخ وقف حنظلة وأشار بيده إلى طريق العودة ، وشرح للنّعمان کیف یصل إلى دیاره ،
فرکب النعمان فرسه وانطلق مُسرعا مُخلفا وراءه حنظلة الرّجل الكريم ، ومرت الأيام.
وأصاب الصحراء جدب شديد ، ولم يعد هناك إلا القليل من الماء والطعام ، وبعض العشب للماشية.
حزن حنظلة ، وجلس أمام كوخه الصغير يُفكر ماذا يفعل؟ وقد أوشك الطعام والشراب على النفاذ!
فخرجت إليه زوجته الوفية وقالت له : يا حنظلة ، يا زوجي العزيز لم لا تذهب إلى النعمان بن المنذر ملك الحيرة وتطلب منه العون ؟
فلقد أنقذت حياته ، قال حنظلة : فكرة جيدة يا زوجتي ، غدا صباحا سأذهب إليه.
إقرأ أيضا: نابليون والفلاح الروسي
ومع إشراق صباح اليوم التالي إنطلق حنظلة إلى بلاد النعمان ، وتصادف أنه وصل في یوم یتشاءم منه الملك ویقتل فیه کل من يلقاه ،
وأمام قصر النعمان وقف حنظلة ينتظر الإذن بالدخول لمُقابلة الملك ، و هو لا یعلم ما ینتظره.
دخل حنظلة ، وأمام عرش الملك وقف وألقى عليه السلام ، وقال حنظلة : مولاي الملك ، لقد وعدتني إن أردت.
فقاطعه الملك قائلا : ألم تجد غير هذا اليوم لتأتي فيه إلي ، إنك مقتول یا رجال ، فاطلب حاجتك من الدنيا.
قال حنظلة : إن كنت يا مولاي مصرًا على قتلي فدعني أودع أهلي وأوصي إليهم ثم أعود إليك.
فلقد تركت زوجتي وأولادي وحدهم ، وقد أوشك الطعام والشراب على النفاذ ، ولا يوجد أحد يرعاهم غيري.
وصدّقني يا مولاي سأعود إليك بعد أن أطمئن عليهم ، قال النعمان : إن ذهبت إلى أهلك ربما لا تعود ، فمن يضمن لي أنك ستعود؟!
نظر حنظلة حوله وأخذ ينظر في وجوه الوزراء الذين إلتفوا حول عرش الملك يستعطفهم بنظراته ،
وقد بدت عليه علامات الحزن وسالت الدموع من عينيه ، فقال أحد الوزراء : أنا أضمنه لك يا مولاي.
وافق النعمان على طلب حنظلة وطلب منه أن يعود بعد عام وإلا قتل الوزير ، شکر حنظلة الوزیر ووعده أن يعود بعد عام ،
ورحل حنظلة ومعه الطعام والشراب إلى أهله ، وأوصاهم ، وجلس معهم عاما كاملا.
ومرت الأيام سريعا ، سريعا ، وقبل إنتهاء العام بيوم واحد إستدعى النعمان الوزير وقال له : لم يأتي حنظلة ، سأقتلك بدلا منه.
قال الوزير : “إن غدا لناظره قريب”، لابد أن ننتظر حتى الغد ، فأنا على ثقة من أن حنظلة سيأتي إليك يا مولاي.
وفي صباح اليوم الموعود جاء حنظلة ، وعندما رآه النعمان دهش وقال له : ما الذي جاء بك بعد نجاتك من الموت؟!
إقرأ أيضا: على نياتكم ترزقون
قال حنظلة لم أكن لأخلف وعدي.
قال النعمان: وما الذي دعاك إلى الوفاء بالعهد؟ أجاب حنظلة : ديني وربي.
فرح الملك النعمان بكلام حنظلة وأعلن أمام الجميع أنه ترك عادة القتل ، وأبطل هذه العادة السيئة، وعفا عن حنظلة.