قصة تحمل في طياتها عبرة الجزء الثالث
بعد أن استطاع كسب ثقة أبيه ، وأَخْذِ نصف أملاكه ، أراد أن يمضي أكبر وقت ممكن برفقة زوجة أبيه ، كي يحقق مراده بأسرع وقت ،
وقرَّرَ أن يقوم بأهم غاية له ، وهو أن يجعلها سبباً في طرد والديها من القصر ، وبنفس الوقت لم يُغيّر معاملته معهما ،
كي يستطيع إبعادهما من طريقه بشكل أسهل.
والحجة أمام أبيه ستكون بأنَّه يمقُتُهُما منذ صغره كونه يرى مجاملتهما الدائمة على أنها نفاق وغش ، وهو لا يحب المنافقين.
لم تمضي بضعة أيام ، حتّى قال لأبيه على الفطور : أبي ، منذ أسبوعين وعروستنا لم تخرج من البيت ،
يجب أن نتساعدَ أنا وأنت في تفسيحها ، فذلك من واجبنا نحوها ، كوننا عائلتها ،
ولأنَّ اليومَ هو يوم إجازتي ، أستأذنك بأنْ أخرج معها أول مرة.
ابتسم الأب ابتسامة عريضة أخذت عرض وجهه ، ثم قال :
بالطبع ، لكن لا تنسى فأمك الصغيرة بأمانتك.
تعالت ضحكاتهما ، وهي تنظر لزوجها باشمئزاز ولإبنه بسعادة غامرة.
ما إن تناول الزوج طعامه حتى ذهب إلى عمله ، ثم طلب ابنه منها أن ترتدي ملابسها استعداداً للتسكع بالحديقة إلى الظهر ،
ثم التحليق لمدينة الألعاب.
كادت أن تقفز فرحاً ، فالذي كانت تعتقده حلماً مستحيل الحدوث سيتحقق بلحظة لم تعتقد حدوثها.
على الرغم من ألمها ، وحسرتها بأن ذلك المشوار لو كان معه بصفته حبيبها ،
لكنها قررت ألا تسمح لتعاسة قدرها أن يُشوّه سعادتها ،
فأرادَت استغلال كل دقيقة معه كي تشفي جروحها التي كان سببها أقرب الناس إليها.
إقرأ أيضا: زيد الخير وسارق الإبل
ما إن وصلا إلى الحديقة ، حتى استأذنها أن يُمسك يدها طوال اليوم ، كونها أمانة أبيه ،
فأومأت رأسها بالموافقة والإبتسامة تغمر وجهها ، وعندما سارا بضعَ خطواتٍ قال لها :
منذ ليلة زواجكِ بأبي ، وقد انطفأ بريق السعادة بعينيك ، وأصبح الحزن يكتسي ملامحك ، أخبريني ما السبب؟!
لقد كنتي تحبين أبي من قبل ، ما الذي جعلك تحزنين لهذه الدرجة؟
ابتسمت ابتسامةً مكسورة ثم قالت : أنا أحبه طبعاً ، ولكن عندما كانت صفته أبي ، وليس زوجي.
أصابه ردها بالجمود ، فلم يعلم ما يقول لها ، كونه كان على يقين أنَّ والديها كانا المُخطّطَيْن لذلك ،
فصمت لحظات ، ثم استغلَّ الموقف قائلاً : لو كنت مكانك ، لما سمحتُ لوالديَّ بالدخول إلى المكان الذي أحيا به ،
إنْ كنتُ أراهما السبب بتعاستي.
وكيف سأقومُ بطرد والدايَ؟
سلطّي عليهما أبي ، وتودّدي له كي يُقلّل دخولهما تدريجياً إلى القصر ، لحين منعهما من الدخول بشكل كلي.
وإنْ قال لي ما السبب؟
قولي بأنَّ معاملتهما معك أمام أي أحد كانت بغاية الحب ، وبحال عدم وجود طرف رابع كانا يقومان بإهانتك وإذلالك ،
وبما أنه زوجك ، لن تجدي ملجأً آمنا سواه يحمي نفسيتك من التعب عند رؤيتهما.
ثم غيّر الموضوع ، ولم يترك شيئاً إلا وتكلّم عنه ، ابتداءاً من الرياضة والطبخ إلى الأفلام والمسلسلات والأغاني والألعاب ،
وهي تنصت له كمن لا أحد في هذا العالم سواه .
بعد أن أمضيا يوماً طويلاً باللعب والضحك ، وكأنهما حبيبان ، عادت إلى سجنها وعادت ملامح الحزن تعلو وجهها وقبل الدخول إلى القصر قال لها :
إن أردتِ أن نخرج مرة أخرى ، وأن تستطيعي طرد والديكِ ، لا تسمحي للبسمة أن تُفارق وجهكِ على الأقل أمام أبي ،
وحاولي أن تتودَّدي له قدر المستطاع ، كي تنالي ما تريدين.
إقرأ أيضا: بيت الجد
اقتَنَعَت بكل كلامه ، لدرجة أنه استحوذَ على قلبها وروحها ، فقررت ألا تهنأ قبل أن تطرد والديها ،
وتحيا مع ابن زوجها السعادة التي طالما حلمت بها ، وأن تتعايش مع زوجها وتخلع الحزن الذي اكتسى روحها بسببه.
في اليوم التالي ، تذكرت كلام ابن زوجها ، فقالت لزوجها برجاء طفلة لوالدها أن ينفذ طلباً لها :
حبيبي ، أرجوك أحضر أشخاصاً للعمل في القصر غير والداي.
فردَّ بدهشة : لماذا ؟!
لا أريد رؤيتهما بالقصر بشكل مكثف ، فهما يتظاهران بأنهما والدان عطوفان أمام الناس فقط ،
لكن إن لم يكن معنا أحد فهما يعاملانني على الدوام بازدراء ، وكأنني مُتبناة.
عزيزتي ، لن يجرؤا على فعل شيء لكِ طالما أنك زوجتي.
فانتفضت قائلة : ألم أقل لك بأني لا أريد رؤيتهما بالقصر ، نفذ كلامي.
فابتسم قائلا : حاضر يا طفلتي المدللة.
ما إن خرج من الغرفة حتى نادى والداها ثم قال لهما : لن تدخلا إلى القصر من الآن فصاعداً.
ارتعَشَت أقدامهما من الخوف ، فقالا بصوت واحد : وهل اقترفنا ذنباً يا سيدي؟!
فابتسم قائلا : لا يجب على والدا زوجتي العمل لديَّ ، فهذا من المعيب ، اذهبا لمنزلكما بعد أن نتناول الفطور ،
وراتبكما سيصل لكما شهرياً وكأنكما لم تتركا العمل.
فابتسما قائِلَين : نشكرك يا سيدي.
ثم اتصل الغني بشخص وطلب منه أن يُحضِرَ في الغد أناساً للاعتناء بالقصر ، ثم نزل لطاولة الطعام ،
وبعد بضعة دقائق نزل ابنه وبعد أن ألقَيَا تحية الصباح على بعضهما قال له الأب :
أشكرك يا بني على أخذ زوجتي للفسحة ، فهي من البارحة والسعادة تغمر كل تفاصيلها.
واجبي.
ثم أكمل الأب قائلا : في مساء اليوم وعند الساعة الثانية عشرة ليلاً ، سأخرج من المنزل استعداداً للسفر إلى مدينة أخرى للقاء مدير شركة هامة في صباح اليوم التالي ،
لأتفق معه على الشراكة بعمل نجني منه أرباحاً وفيرة.
إقرأ أيضا: رأت إمرأة رؤية أن رجل تربطه بها صلة قرابة لدغه ثعبان
لاحت برأس الإبن فكرة فقال له بسعادة :
وفقك الله يا أبتِ ، نادِ زوجتكِ على الفطور لكي لا تشعر أنك تهملها.
فابتسم وأمسك يد ابنه قائلا : كم أني محظوظ لأنكَ ابني.
وقبل أن يناديها ، أقبلت نحوهما بوجه أبيض ضاحك عندما رأت ابن زوجها ،
وفستان أحمر زاد وجهها إشعاعاً ولأنها رفعت شعرها بتسريحة كالصبايا ووضعت أحمر شفاه ،
التصقت عينا ابن زوجها عليها ، فقد رأى جمالها الأنثوي الذي لم يراه من قبل ، وما إن جلست حتى قالت لزوجها :
هل أخبرت والداي أنك لم تعد تريدهما في القصر؟!
نعم عزيزتي ، وسيذهبا بعد أن ينظفا الطاولة.
فنادت أمها وقالت لها بازدراء : اذهبي من الآن للمنزل وأخبري أبي أن لا يتواجد أمام بوابة القصر ،
ولا تقلقي على تنظيف طاولة الطعام وإعداد الغداء فأنا خبيرة بهذه الأمور.
فتلعثمت الأم بسبب طريقة كلام ابنتها : لا يجوز أن تتعب زوجة سيد القصر.
فانتفضت قائلة : نفذي ما أقول.
فابتسم الزوج وأومأ رأسه قائلا : نفذي لها ما تريد.
حاول الإبن أن يخفي ابتسامته بسبب سعادته بطردهما ، وأيقن أنَّ الظروف ستساعده في تحقيق هدفه لقضاء ليلة واحدة من العمر مع زوجة أبيه وفي غرفة واحدة.
وبعد أن تناولوا الفطور قال الإبن لزوجة أبيه :
في مساء اليوم سيسافر أبي ،
لا تقلقي من غيابه فأنا أعلم أنه مصدر الأمان لكِ ، فأنا لن أخرج من المنزل لحين عودته.
فابتسم أباه قائلا : بارك الله بك يا بني.
ثم قبَّل رأس زوجته وقال لها : سيبقى ابني معكِ في كل مرة أسافر بها.
إقرأ أيضا: قصة تحمل في طياتها عبرة الجزء الأخير
حلق قلبهما من الفرح ، وما إن خرج الزوج حتى قالت زوجته للإبن :
سنقضي الليلة نلعب معاً ونتجاذب أطراف الحديث.
فقال بابتسامة ماكرة : سنقضي أجمل ليلة في حياتنا.
ثم خرج الإبن لإحضار المشروبات الكحولية للمنزل خلسة قبل عودة والده للغداء ، كونه يمنعه على الدوام من جلبها للمنزل ،
وقد كان غرضه من شراءها أن يقضي الليلة مع زوجة أبيه على آخر انسجام ، ويعلمها احتساءها للتفاعل معه كما يريد.
يتبع ..