قفز عمر ابن ود العامري مخترقاً الخندق وأخذ يصول ويجول في ساحة الحرب وينادي :
ولقد بححتُ من النداء في جمعكم ، هل من مبارز؟
فرأى الرسول صل الله عليه وسلم أن الصفوف بدأت تتقهقر إلى الوراء إلا الإمام علي رضي الله عنه وكان أصغر الجنود سناً ،
فقال النبي صل الله عليه وسلم أيكم يبرز إلى عمر وأنا أضمن له الجنة فلم يقم أحد سوى علي رضي الله عنه.
ونادى الرسول صل الله عليه وسلم مرة أخرى أيكم يبرز إلى عمر وأنا أضمن له الجنة ، فقام علي رضي الله عنه.
فكررها الرسول ثالثا ، فقام علي قائلاً أنا له يا رسول الله.
فقال الرسول صل الله عليه وسلم يا علي إنه عمر!
ورد علي رضي الله عنه : وأنا علي يا رسول الله!
وتقدم علي رضي الله عنه راجلاً إلى عمر منادياً :
لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز ،
إني لارجوا أن اقيم عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء ، يبقى ذكرها عند الهزائز.
وقال النبي صل الله عليه وسلم حينها : قد برز الإيمان كله إلى الشرك كله.
فقال عمر لعلي : من أنت ؟ وهو يعرفه من هو!
قال علي : أنا علي ابن أبي طالب.
قال عمر وقد أهابه مجيئ الإمام علي على صغر سنه :
أما خاف عليك ابن عمك أن اختطفك بسيفي فأجعلك لا للسماء ولا للأرض؟
قال الإمام علي : قد علم ابن عمي بذلك.
إقرأ أيضا: قصة ضيف سيدنا إبراهيم
قال عمر وقد بدأت علامات الجزع تراوده : قد كانت لي صحبة مع أبيك أبو طالب وكان صديقي في الجاهلية وأنا أكره قتالك.
رد الإمام علي : ولكني أحب قتالك!
ومن ثم قال الإمام علي رضي الله عنه لعمر : من المعروف أنك يا عمر كنت معلقاً باستار الكعبة في الجاهلية ،
وقلت ما طلب مني أحداً ثلاثاً الا ولبيت له واحدة ، وأنا أطلب منك أن تقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فرد عمر : دعها عني فإن حفر الآبار بالإبر ، أخف عليّ من هذه الكلمة.
فقال الإمام علي رضي الله عنه : ارجع وارجع جيشك معك على ما جئت تقاتلنا ، فنحن ندعوا الناس إلى الله فمن شاء ، ومن شاء فاليكفر.
فرفض هذا الرأي عمر.
وقال الإمام علي : يا عمر أنت فارس وأنا راجل فانزل من على ظهر جوادك إلى الأرض.
فقال عمر : يا علي ما ظننت أحداً من العرب أن يطلبها مني ، ونزل عمر وضرب أرجل الجواد بالسيف فقطعها خشية أن يركبها بعد موته من الأبطال فيكون عليه عاراً بذلك
( وهذا دليل على خوفه من الإمام علي رضي الله عنه على صغر سنه حيث فقد احتمال بقاءه فقطع أرجل فرسه لكيلا يركبها غيره ).
وبعدها التقيا المتحاربين وقامت بينهما الحرب وانتهت المعركة بضربتان ، ضربة من عمر شقت المغفر ووصلت إلى رأس الإمام علي ،
وضربة من الإمام علي على فخذ عمر فقطعها وجلس على صدره وسمع المسلمون تكبير الإمام علي رضي الله عنه.
وما انجلت الغبرة إلا والامام علي جالساً على صدر عمر ، فاستبطأ الإمام علي رضي الله عنه قتل عمر ،
فقال أحد المسلمين للرسول صل الله عليه وسلم : قل لعلي أن يعجل على عمر.
إقرأ أيضا: سورة محمد – تفسير السعدي
فقال النبي صل الله عليه وسلم : هو أعرف بموقفه.
وبعد فترة وجيزة قطع الإمام رأس عمر وجاء إلى الرسول صل الله عليه وسلم ،
فسأله الرسول عليه الصلاة والسلام : لماذا تباطئت عن قتله؟
فرد الإمام : لأنه بصق في وجهي وشتمني وما أردت أن أقطع رأسه تشفياً لغيظي ،
وإنما أحببت أن يسكن الغضب عني فأقطع رأسه قربة إلى الله خالصة.
فقال النبي صل الله عليه وسلم : إن ضربة علي هذه خير من عمل الثقلين إلى يوم القيامة!