قصص منوعة

قصة صاحب الحديقة والجرة

قصة صاحب الحديقة والجرة

من أعظم القصص التي رواها رسول الله صل الله عليه وسلم على قومه تلك القصتين ،

ففيهما يوضح الله لعباده فضل الصدقة وأثرها على صاحبها ؛ فهي مصدر لتهذيب النفس وزيادة الثراء ، ومنع البغضاء.

فبدون الصدقة يضل الإنسان طريقه ، وتنقطع عنه الراحة ، ويظل الحقد هو العامل المسيطر في حياته ، مهما كان يكسب من مال ،

فلا هو يشبع ولا هو يقنع ، فيطمع فيما يملك غيره ، والصدقة أيضا تمنع ميتة السوء ، وتصل الأرحام ، وتقرب العبد من ربه.

قصة صاحب الحديقة :

يذكر النبي صل الله عليه وسلم أنه كان هناك رجل يمشي في صحراء مقفرة ، لا أحد بها سواه ،

فسمع صوت يأتي من داخل السحاب ، يأمر الرجل ويقول له اسقي حديقة فلان ،

فلما سمع الرجل هذا الصوت أصابته الدهشة وانتابه الفضول ، وما لبث إلا أن وجد نفسه يتحرك في مسار السحاب.

وفجأة رعدت السماء ونزل المطر ، وتجمع في واد وأخذ يسير في مجرى شقه لنفسه.

تتبع الرجل مسار الماء ، فوجده يصل إلى مزرعة من المزارع ، وهناك وجد رجل على باب المزرعة بفأسه يسير الماء إلى أرضه ،

تعجب الرجل من تلك المزرعة التي تنمو وحدها في الصحراء ، ويرسل إليها الماء بأمر من الله.

وتأكد أن الصوت الذي سمعه لم يكن سوى ملك من السماء ، قد أمر ملك السحاب ، أن يروي هذه المزرعة ،

وهنا دار في بال الرجل أسئلة لا أجوبة لها إلا عند صاحب المزرعة ؛ فذهب وسلم عليه وسأله : ما اسمك؟

فأجابه الرجل عن إسمه ، وهنا زاد تأكد الرجل من الصوت ، الذي سمعه فيثير دهشة صاحب المزرعة ويسأله :

لماذا سألتني عن اسمي ؛ فقص عليه الرجل الغريب القصة ، التي حدثت معه وسأله في حيرة : ماذا تصنع لكي يسخر لك السحاب؟

فقال له : سأخبرك بما سألتني عنه ، إنني أنظر إلى ما يخرج من الحديقة ؛ فأتصدق بثلثه للفقراء ، وآكل أنا وعيالي ثلثاً ،

وأعيد زراعة الثلث الأخر حتى تنتج الحديقة مرة أخرى ، وأعيد الكرة ثانية.

إقرأ أيضا: قصة ضيف سيدنا إبراهيم

أخرج الإمام مسلم بسنده في صحيحة أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :

بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة : اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة (أرض ذات حجارة سوداء)

1 3 4 10 1 3 4 10

فإذا شرجه (هي مسيل الماء) من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته ،

فقال له : يا عبد الله ما اسمك قال : فلان – للاسم الذي سمع في السحابة ـ فقال له :

يا عبد الله لم تسألني عن اسمي ، فقال : إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه ، اسق حديقة فلان لاسمك ،

فما تصنع فيها فقال : أما إذا قلت هذا : فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثاً وأرد فيها ثلثه.

قصة صاحب الجرة :

ضربت لنا هذه القصة أروع الأمثال على الزهد في الدنيا ، والخوف من الله ، وأداء الأمانة إلى أصحابها ،

متابعين قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَ } ،

كما توضح دور الحكمة في إنهاء الخلاف ، وضرورة الاحتكام إلى صاحب العلم والعقل.

والقصة لرجل أراد أن يشتري عقار فأشترى مزرعة من صاحبها ، وظل يزرع ويحرث ويبني فيها ،

وإذا به يجد داخل أرض المزرعة كنز من جواهر ، وذهب وكل ما تشتهي الأنفس.

فذهب الرجل إلى صاحب المزرعة الأصلي ، وأعطاه الكنز قائلًا له : هذا ملك لك ؛ فقد وجدته في مزرعتك ،

فرد عليه الرجل قائلًا : حللتك ، أي أحللته لك وهو ملكك الآن.

أجابه الرجل لا والله ، إنه لك أنت ، فأنا اشتريت الأرض وليس ما فيها ،

فقال صاحب الأرض بل بعتك الأرض وما فيها ، فكان هذا يرمي الكنز على هذا ، وهذا يرمي الكنز على هذا ،

فاختلافا الاثنان ، وذهب كل منهما يشتكي الأخر للقاضي ،

فلما سمع حجة الأول وجدها قوية ، وسمع حجة الثاني ؛ فوجدها هي الأخرى حجة قوية.

إقرأ أيضا: نهى النبي صل الله عليه وسلم عن النَّذْرِ

كان هذا القاضي على درجة من الذكاء والفطنة ، مشهود له بالعدل والحكمة ، فقال لصاحب الأرض ألك أولاد أو بنات؟

قال نعم ، عندي بنت واحدة.

التفت إلى من اشترى الأرض منه وسأله : ألك أولاد؟ قال : نعم عندي ولد واحد.

فاقترح عليهما القاضي أن تتزوج البنت من الولد ، وينفق الكنز عليهما سويًا.

فوافق الطرفان صاحب المزرعة والرجل الذي اشتراها منه على هذا الاقتراح الذكي ،

وعاش الزوجان ، حياة مباركة بهذا الكنز الذي تعفف عنه والديهما ؛ ليضربا لنا أروع الأمثلة في الزهد والخوف من الله عز وجل.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صل الله عليه وسلم – قال : اشترى رجل من رجل عقاراً له ،

فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرّة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني ؛

إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب ، وقال الذي له الأرض : إنما بعتك الأرض وما فيها ،

فتحاكما إلى رجل ، فقال الذي تحاكما إليه : ألكما ولد؟ ، قال أحدهما : لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية ،

قال : أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدقا. حديث متفق عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?