قصة لا تصغ لكلام النمام
قصة لا تصغ لكلام النمام
يروى أنه سعى رجل برجل عند عمر بن عبد العزيز رضيّ الله عنه ، فقال له عمر بن عبد العزيز : يا هذا ، إن شئت نظرنا في أمرك ،
فإن كنت كاذبا ، فأنت داخل تحت حكم هذه الآية :
بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ ) صدق الله العظيم. الآية 6 من سورة الحجرات.
عمر بن عبد العزيز والحكم بكتاب الله مع النمام :
وإن كنت صادقا فأنت داخل تحت حكم هذه الآية ، بسم الله الرحمن الرحيم (هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) صدق الله العظيم. الآية 11 من سورة القلم.
فسكت الرجل ولم يبد جوابًا ، وهكذا فلنرد كُلّ نمّام يفسد بين الناس.
النمام وكسرى :
كان كسرى من الذكاء على أبعد غاية ، فنمّ إليه رجل بصديق له ، فكتب كسرى للنمام :
وقد اخترنا نصحك ، وذممنا صاحبك لسوء اختياره ، الأصحاب نظيرك ، وما أصدق قول الشاعر :
احذر عدوّك مرةً ، واحذر صديقك ألف مرة.
فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضَرّة.
لا تصغ لكلام النمام :
يروى أيضًا أنه كان يوسف وعبد العزيز رفيقين ، قل أن يفترقا إلا في وقت النوم ،
فكانا بتعاونان في المذاكرة ويترافقان في النزهة ، ويتشاركان في أفراحهما وأتراحهما ،
وبالجملة كانا كالأخوين ، لا يتحاسدان ، ولا يتباغضان ، ولا يتدبران.
التلميذ الحسود :
وكان كل منهما يميل إلى الآخر ، وينجذب إليه ، لتوافق مزاجيهما ، فساء ذلك تلميذًا حسودًا ،
كان يحزن لرؤية النعمة على غيره ، ويفرح لما يقع به من المصائب.
إقرأ أيضا: لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعلَى
المواجهة :
فاختار يوسف وانفرد به مدة ، وذكر سيئات عبد العزيز مالًا عهد له به من قبل ، وأخبره أنه كان يهجوه له ،
فغضب يوسف وحدثته نفسه أن يقطع أخاه ، ولكن ما لبث أن هدأ ، والتفت إلى ذلك الواشي.
قصة زياد والواشي :
وقال له : اسمع يا فلان ، وشى واش بعبد الله بن همام إلى زياد ، فقال له : إنه هجاك ، فقال : أأجمع بينك وبينه؟
قال : نعم.
فبعث زياد إلى ابن همام ، فأتى به وأدخل الرجل بيتًا ، فقال زياد : يا ابن همام : بلغني أنك هجوتني؟
فقال : كلا ، أصلحك الله ، ما فعلت ولا أنت لذلك أهل.
فقال : إن هذا الرجل أخبرني ، وأخرج الرجل ، فأطرق ابن همام هُنيهة ، ثم أقبل على الرجل ، فقال :
أنت امرؤ أما ائتمنتك خاليًا فخنت ، وأمّا قلت قولاً بلا علم.
فأنت من الأمر الذي كان بيننا ، بمنزلة بين الخيانة والإثم.
فأعجب زياد بجوابه وأقصى الواشي ، ولم يقبل منه ، فما رأيك في أن أجمع بينك وبين عبد العزيز؟
اعتذار الواشي :
فاعتذر له ، وما كاد ينتهي من الاعتذار ، حتى قدم عبد العزيز ، فأخذ الواشي ينسل ، فمنعه يوسف عن الخروج ،
وقص على عبد العزيز ما كان من أمره ، فخجل الواشي ، وتغير لونه وسكت.
حديث رسول الله :
فقال عبد العزيز : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا)
صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.
النهاية :
وبعد ذلك شكر عبد العزيز يوسف ، على سلوكه الذي كان سببًا في قطع الوشاية بينهم.