قصة ملعقتان ونصف من السكر
قصة ملعقتان ونصف من السكر
تقول في أول أسبوع زواج لي ، أخبرتني حماتي والدة زوجي أن من عاداتهم عدم السماح للعروس الجديدة مشاركتهم الأعمال المنزلية في أسبوعها الأول ،
كونها عروسا حديثة عندهم ، أيضا حتى تلاحظ جيدا طريقة عملهم ومكان وضع الأشياء ،
فإن باشرت العمل الأسبوع التالي يسهل عليها الأمر.
لم يكن ذلك مهما جدا بالنسبة لي ، فقد كنت أساعد أمي في أعمال المنزل والمطبخ ، لذا لم تكن مشاركتي لهن لتقلقني.
تمنيت فعلا لو سمحوا لي بإعداد بعض الأطباق الشهية حتى أسعدهم بها وأحظى ببعض الثقة في نفسي ،
والأهم جعل زوجي فخورا باختياره أمامهم.
لكن الرياح لا تجري بما تشتهي السفن دوما!
أعدي لنا الشاي!
هذا ما طلبوه مني في آخر ليلة من الأسبوع الأول ، قالوا بالحرف الواحد.
نريد أن نتحلى شايا طيبا من أيدي عروستنا الجميلة ، لكن المؤسف في الأمر أني لا أجيد إعداد الشاي ،
أعد أي طعام صعب ، أي طبق تقليدي أو عصري لكن الشاي لا أجيد إعداده.
لم أجرب إعداده سابقا ولم أتخيل يوما أن يكون أول طبق يطلب مني تحضيره!
حتى زوجي يدرك جيدا أني لا أجيد إعداده ، فوعدني بتعليمي ذلك فقد كان يعده في رحلاته برفقة أصدقائه ،
وهذا ما جعلني لا أقبل على تعلمه حتى أتقنه على طريقته.
نظرت إليه نظرة ترجي ، لم يستطع التحرك ولا الكلام ، ماذا سيقول!؟
هل سيقول هي لا تجيد ذلك دعوها وشأنها!؟ سيسخرون منه ، سيتهمونه بدفاعه اللامبرر عني من أول أسبوع زواج!
إقرأ أيضا: بعد فراقهما بخمس سنوات شاء القدر أن يلتقيا صدفة
هل أصرح بأني لا أجيد ذلك ، كيف ستكون ردة فعلهم ، سيضحكون ، سيسخرون ، حتى لو لم يفعلوا ذلك أمامي تفاديا إحراجي ،
سيفعلون ذلك خفية عني لكن ليس عنه ، سيؤذونه بكلام مخيب للآمال ،
سيقولون هل هذا هو إختيارك؟ لا تجيد إعداد شاي بسيط لنا!؟
كم تمنيت لو كانت لي القوة الكافية لأقول لا أعرف ، كم تمنيت لو كنت أجيد إعداده ،
كم تمنيت لو طلبوا مني أمرا آخر لأبهرتهم ، لماذا الشاي تحديدا!
لم تكن لي القوة الكافية لحمل هاتفي أمامهم ، سيدركون مباشرة بأني سآخذ الوصفة من النت ،
حاجز وهمي وضعته لنفسي بيني وبينه وهو في الشاحن داخل غرفتي.
لم أقوى على فتح باب الغرفة وهم ينتظرون بلهفة الشاي على مائدتهم من أيدي عروس إبنهم أو إختياره الذي وضعوه في إختبار صعب الليلة ،
إما أن يفخر بي لبقية العمر أو يبقى مخذولا أمامهم!
رن فجأة صوت هاتفي ، فتنفست الصعداء ، إستأذنتهم لدخول الغرفة وحمله وإذ به إتصال من زوجي ،
تسبقه رسالة يخبرني فيها بطريقة إعداده.
وكأننا في الحرب ، وكأني أتلفظ أنفاسي الأخيرة بين يديه ، تلك الحروف ، تلك الدقة في التخطيط ،
تلك القوة التي منحني إياها ذلك اليوم لا زلت أشعر بها حتى الآن.
ورغم مرور عدة سنوات على ذلك لا زلت كلما تذكرتها إبتسمت ، كلما إنتابني الفشل واليأس نهضت وعدت لأقاتل مجددا ،
لا زلت كلما أنظر إليه أشعر بالفخر ، بالنصر ، صبرت وصمدت ، فحارب هو وأنا إنتصرت.