قصة وعبرة الجزء الأول
قصة وعبرة الجزء الأول
يحكى أنه كانت توجد زوجة تعاني من عدم الإحساس بالغيرة تجاه زوجها ، على الرغم من أنّه طليق اللسان مع النساء ، لا تسلم إمرأة من مُجاملاتهِ واطراءاتِه.
فقد كان يحاول جاهداً أن يحيي ذلك الشعور الميتَ بداخلها ، لكنها لم تشعر ولا للحظة بالغيرةِ عليه ،
فقد كانت تراه رجلاً بلا مُمَيّزات ، متوسّطَ الجمال والحال ، غير ثقتها بإخلاصهِ ، وحبّه لها.
بعد أنْ باءَتْ محاولاته بالفشل ، وقبل أن يستسلم ، قابَلَتْهُ إمرأة بعمله كما يُقالُ عنها ” أنَّ قطارَ الزواجِ قد فاتَها ” ،
فَرَأَتْ به الطائرةَ التي ستُلحِقَها بالقطار ، أُعْجِبَتْ بِخِفَّةِ ظِلّهِ ، وانتقاءِه لكلماتِ الإطراءِ والمجاملة ،
فعَرَضَتْ عليهِ الزواجَ بدون تُكَلّفَهُ أيَّ شيء.
فلم يَعُدْ أحد يتقدمُ لها ، بعدَ أنْ رَفَضَتْ كلَّ من تَقَدَّمَ لخطبَتِها ، لاعتقادها أنهم يطمعونَ بمالها الذي وَرِثَتْهُ عن أبيها ، كَوْنَها متوسطةَ الجمال.
فأصبَحَتْ تُريدُ رجلاً لو كانت زوجةً رابعةً له ؛ فوافقَ بدونِ تَردُّد ،
لأنهُ رأى أنَّ فرصةَ جعلِ زوجته تغارُ عليهِ قد وصَلَت إليه بدون أي عناء.
وبعدَ أنْ تَمَّ الزواج ، أخذَ زوجته الثانية لتُقابل الأولى ، ووقف أمامها بكل فخر واعتزاز ، قائلا :
هذه زوجتي الثانية والأخيرة ، ولم يسبق لها الزواج ، هل ستشْعُرينَ بالغيرةِ منها أم يجبُ أن أزيدَ عليها واحدةً أخرى؟!
ثم تنفست الصعداء وأردَفَت : ومن قال لكَ بأني سأكمل حياتي معك يا جلالة السلطان؟!
هل تعتقد أني وزوجتك سنشنُّ حرباً لأجلك؟! ربما هي ستفعل ذلك ، لذلك زد ثلاثاً فوقها ، لأني سأرفع دعوى طلاق ضدك.
ثم نظرت لزوجته وقالت : كما قبلتي الزواج من رجل متزوج ، وقبلتي أن تكوني السبب في خراب بيته ،
فإما أن يتزوج عليكِ وإما أن يطلقكِ وإلى أن يحصل ذلك لن ترتاحي في حياتكِ معه البتة.
أثارت بداخل زوجته الريبة وقبل أن تفتح فمها ، قاطعها قائلا :
لن تنالي الطلاق بأحلامك ، فالضُّرة جزاءكِ لأنكِ لم تُشعريني بغيرتكِ عليَّ وحبكِ لي.
إقرأ أيضا: حصلت على الدكتوراة من مصر
فضحكت مرة أخرى ، وبلحظة ، عقَدَت حاجبيها ثم قالت بنبرة غضب ، دون أن تبالي بوجود زوجته :
أتعلم لماذا أضحك؟! لأنَّ شرّ البلية ما يضحك ، فقد ابتلاني الله بزوجٍ محدود الفهم ، فلو أنكَ أتيتَ منذ البداية وصارحتني بما يزعجك ،
لأخبرتك بأني لا أغار عليكَ لثقتي بك ، وبأخلاقك وإخلاصك لي ،
ولأخبرتك أنَّ الحب ليس فقط أن ألاحقكَ لمكان عملك وأراقب هاتفك وأمنعك من محادثة هذه وتلك ،
بل الحب أن أهتم بك عندما تمرض ولا أهنَأ بنوم قبل أن تستعيد صحتك.
وأن أراقب طعامك وشرابك ، وأحرَص أن تتناول الطعام مطبوخا في المنزل لأجل صحتك ،
وأن أراقب عدد كؤوس الشاي وفناجين القهوة التي تحتسيها وأمنعك من الإفراط بشرب المشروبات الغازية ،
وَأن تبقى ثيابك نظيفة معطرة على الدوام ، غير المنزل الذي يبقى نظيفاً ومرتباً يوميا ،
لأُريح عيناك وأشرح صدرك عندما تعود من العمل منهكا.
لكن اهتمامي بأدق التفاصيل جعلك تغضُّ الطَّرف عن كل شيء ولا تهتم إلا بأتفه الأمور ،
وهذا لأنك شخص محدود التفكير ، وأقسم لكَ بأنه بعد طلاقي سأجد رجلاً يقدّر كل شيء أقوم به لأجله ،
ولن أدفن نفسي بالحياة معك ، فأنا إمرأة حرَّة لا ينقصها شيء ، ومن تتنازل عن كرامتها مرة ستعيش حياتها مذلولة إلى الأبد.
دخلت لغرفتها وأقفلت الباب ، ثم بدأت بوضع أغراضها في الحقيبة ، فبدأ بالصراخ قائلاً :
بكل مرة كنت أقول لكِ بأنَّ هناك إمرأة معجبة بي كنتِ تسخرين مني قائلة :
وما هي مميزاتك حتى تعجب بك؟! لست فائق الوسامة ولا فاحش الثراء ، حتى هضامتكَ تكاد تكون معدومة ،
ولأجل قولكِ هذا أثبت لكِ بأني رجل تعجب به النساء ولذلك تزوجت فتاة لم يسبق لها الزواج.
فصرخت قائلة : كنت أقول ذلك ، لأني أعلم أنَّ البنات لا يُعجَبنَ برجل متزوج إلا لصفة تميزه ،
وكنت أعلم أنكَ تقول ذلك لتحرك شعوري بالغيرة فقط.
إقرأ أيضا: قصة وعبرة الجزء الثاني
ولأني أثق أنه لن تنظر لكَ إمرأة بنظرة مختلفة إلا إن كانت لم تستطع الزواج وتتلهف إليه ،
ولثقتي بك وبأخلاقك التي لن تسمح لكَ بالإنجراف وراء إمرأة أخرى ؛ لذلك لم أفكر يوماً بالغيرة عليك.
وبعد أن انتهت من جمع أغراضها خرجت من الغرفة ، وقالت : أرسل ورقة طلاقي لمنزل أهلي.
فقال : لماذا لم تضحكي عليَّ ولو لمرة واحدة وتقولي لي بأنه لو نظرت إمرأة أخرى إليك ، سأدمر الدنيا فأنت لي وحدي؟!
فرمَقَته قائلة : أنا إمرأة واضحة وصريحة ولا تعرف النفاق والكذب ، وبرغم ما فعلتَه معي ،
سأدعو الله لك أن ترى بزوجتكَ الصفة التي افتقدْتَها بي ، كي تهنأ بحياتك ويرتاح فؤادك.
يتبع ..