قطة الرماد الجزء الأول
قطة الرماد الجزء الأول
كان هناك حطاب فقير يربح قوت يومه من بيع الحطب وكان له ثلاث بنات توفيت أمّهن منذ سنوات تاركة إياهن مع والدهن في كوخ صغير في الغابة.
وكانت الفتيات يخرجن كل صباح رفقة والدهن لمساعدته في الاحتطاب وتقطيع الخشب ،
تاركين الأخت الصغرى لأعمال البيت.
ولأنها كانت صغيرة السن كان أبوها يكلفها بتنظيف الموقد والمدخنة ،
فكان الرماد يعلو شعرها ويغطي ثيابها ووجهها فسمّيت قطة الرّماد وليست عيشة حواشة الرماد.
كان الأب منزعجا من تعب بناته من كل هذه الأشغال منذ أن توفيت أمهن ،
فقرر أن يتزوج فلعل الزوجة الجديدة تسليهن وتعينهن على أعباء البيت.
لكن هذه الزوجة لم تكن عند حسن ظنه ، فكانت إمرأة شريرة ماكرة زادت في شقائهن ،
فكن بالإضافة إلى تقطيع الخشب وملئ الماء من البئر البعيدة يغسلن ملابسها وينظفن أحذيتها من الطين ،
بينما تتمدّد هي طول النهار تشرب الشاي ، وتزين وجهها ، وكانت تعطيهن طعاما بائتا وخبزا يابسا ،
ثم تطلب منهن النوم باكرا.
ولأن الأب يحضر إلى البيت متأخراً فقد كانت تعد له ولنفسها عشاءا شهيا من أصناف عديدة ،
وعندما سيسألها زوجها : هل تعشت البنات من هذا الطعام؟ تجيبه : أكلن حتى شبعن لا تقلق عليهن.
استمر الأمر مدّة من الزمن دون أن يدري سوء معاملة زوجته الجديدة لبناته وكذبها عليه ،
كلما يشتهين لحما وفاكهة تقول لهم أن أباكم فقير ولا يربح جيدا من بيع الحطب.
في أحد الأيام استيقظت قطة الرماد فوجدت أباها وزوجته جالسين حول مائدة عامرة فأطعماها معهما ،
وعندما همت بالقيام قالت لها زوجة أبيها عودي إلى النوم ولا توقظي أخواتك.
وما إن استلقت قطة الرّماد في الفراش حتى قرصت أختها التي بجانبها ، فقامت هذه وأكلت من العشاء الفاخر.
إقرأ أيضا: قطة الرماد الجزء الثاني
فقالت لها زوجة أبيها كما قالت لأختها ، وعندما تمدّدت هذه في الفراش قرصت أختها الموالية ،
فقامت أيضا وأكلت حتى شبعت.
علمت الأخوات حيلة زوجة أبيهن وأصبحن يمتنعن عن أكل الطعام البائت وينهضن عندما يأتي أبوهن ،
وكن يفعلن ذلك كل ليلة حتى زاد جمالهن وامتلأت أجسامهن ، وأحست الزوجة بالضيق ، خصوصا بعد أن مضت الأيام ولم تنجب.
كانت أنانية لا تفكر إلا في نفسها ولا يمكنها أن تقبل أبدا بالعناية ببنات غيرها ،
اللواتي أصبحن أكثر شراهة.
إنتهت أيام الخير عندما كان كل شيء لها وحدها.
فكرت بحيلة للتخلص منهن ، كانت تعرف أن زوجها يستريح آخر الأسبوع ، وانتظرت ذلك اليوم.
وفي الصّباح تظاهرت بالمرض ، وادّعت أنها تحسّ بصداع في رأسها وبالبرد ، وقالت بإمكان حزمة صغيرة من إكليل الجبل أن يساعدها في الشفاء.
قال الزوج سآتيك بما تطلبين حالا.
أجابته لا إبق بجانبي أرسل البنات فهم يعرفن مكان وجودها.
تردد قليلا لكن قطة الرماد لا تقلق يا أبي إن الجبل لا يبعد كثيرا عن البيت ،
ولا خطر في الذهاب إلى هناك في النهار. أجاب : حسنا لا تتأخرن.
ما لا يعلمه الأب أن زوجته إتفقت مع أحد المحتالين على التّخلص منهن مقابل كيس من المال.
نصب المحتال مع أحد أعوانه شبكة كبيرة على أحد الأشجار واختفوا بين الأغصان.
عندما مرت البنات ألقيا عليهن الشبكة ثم قفزا من الشجرة وشهر اللص خنجره واقترب منهن.
أحسوا البنات بالفزع وهممن أن يصرخن ، لكن قطة الرماد طلبت منهن الصمت وتركها تتدبر الأمر.
نظرت إلى المحتال وعرفته : إنه يسكن في طرف قريتهم ، له إبن صغير في مثل عمرها ،
كانت تلعب معه لكنه إختفى منذ أيّام في الغابة.
يتبع ..