قطة الرماد الجزء الثاني
قطة الرماد الجزء الثاني
عندما كان يجمع نبات الفطر قالت له : أعرف ولدك عوضا أن تقتلنا أطلقنا في الغابة ، أنا متأكدة أنه لا يزال حيا ،
إن وجدناه سنشعل لك نارا فتأتي لأخذه ، وإن لم نجده أتركنا نواجه مصيرنا في هذه الغابة الموحشة.
لا أحد يقدر على الخروج منها ، إستحسن اللص كلام قطة الرّماد وقال : لقد أرحت بالي فأنا محتال لكني لست قاتلا ،
ولم أفعل هذا إلا لأجل المال ، وأعتقد أن إختفاء إبني ما هو إلا عقوبة على سلوكي السّيء ولو رجع سأتوب عن المعاصي.
أوصلهم إلى الغابة ثم فك وثاقهم وأطلقهم داخلها ، عندما رجع إلى القرية إشترى ثوبا يشبه ثوب قطة الرماد ،
وصب عليه حبرا أحمر ثم ذهب إلى زوجة الحطاب وآراه لها.
فشكرته على صنيعة وأعطته كيس المال الذي وعدته به ، ولم تنس أن تطلب منه كتمان الأمر وأن لا يفرط في الشّراب.
كان الحطاب ينتظر بناته ولما تأخرن خرج مع أهل القرية للبحث عنهن ، وقد إنتشر بينهم الشّعور بالقلق.
ففي بضعة أيام إختفى أربعة من صبيان وبنات القرية.
رجع الأب وبكى حتى جفت دموعه وقال : الأم ثم البنات ما هذا الحظ السيء الذي يلاحقني.
أخذت البنات يمشين دون هدى في الغابة ، كن يأملن أن يجدن الصبي الضائع ويرجعن إلى القرية بسرعة قبل حلول الليل ،
لكن لم يكن هناك أثر له رغم بحثهن وصراخهن.
أحسسن بالتعب والجوع ، وبدأ الظلام بالنزول وشرعت الذئاب بالعواء ، أخذن بالجري حتى تقطعت أنفسهن ،
وقفن ليسترحن ، إلتفتت قطة الرماد حولها فشاهدت من بعيد قصرا ينبعث منه توافذه نور باهت ،
فاقتربن منه ونظرن من النافذة فرأين طاولة مليئة بالحلويات وطبق به إوزة مشوية مع الأرز والسّلطة ، فسال لعابهن.
لكن سرعان ما خاب أملهن عندما شاهدن صاحبة القصر : لقد كانت غولة الجبل التي كثيرا ما سمعن حكايتها من أمهن.
فكرن في طريقة للدخول والتحيل عليها ، فقالت قطة الرماد لأختها الكبيرة : سنطرق الباب ونشغل الغولة :
وأنت ستقفزين من النافذة وتحملين لنا طعاما ، كانت فكرة جيدة.
إقرأ أيضا: قطة الرماد الجزء الثالث
طرقت قطة الرّماد الباب ثم أسرعت بالإختباء وراء الأشجار ، قالت الغولة هذا هو أنت يا زوجي ،
لا تستعجل سأفتح لك الباب ، لكن عندما فتحت لم تجد أحدا.
وقامت قطة الرماد وأختها بالقفز على الأوراق الجافّة وإصدار أصوات تشبه أصوات الأرانب البرية ،
قالت الغولة : تعالي أيتها الأرانب عندي لكم الكثير من الجزر والخس في تلك اللحظة جرت البنت الكبرى ،
وقفزت من النافذة.
أخذت جرابا وملأته ، وعندما حاولت الخروج من النافذة لم تقدر على القفز ، كان الكيس ثقيلا ،
فلقد وضعت أكثر مما يجب من الطعام.
رجعت تبحث عن كرسي لكنها كانت خائفة وخطواتها مسموعة.
قالت الغولة : يبدو أن أحد الأرانب قد تسلل داخل بيتي سأقبض عليه وأسلخ جلده.
عندما رجعت شاهدت فجأة بنتا تصعد على كرسي وتحاول الهرب من النافذة ومعها جراب ، قد ظهرت منه أوزتها المشوية.
أقفلت الباب بالمفتاح وبسرعة أخذت مكنستها وضربتها على ساقيها بقوة فسقطت على الأرض وهي تتألم.
أحضرت الغولة حبلا وربطت يديها وقالت : لقد وقعت في قبضتي ولن تخرجي من هنا حية ، لا شك أن هناك آخرون معك.
سأقبض عليكم جميعا أيها الأوغاد.
جرتها إلى سرداب مظلم ودفعتها بقوة داخله ، أغلقت الباب وأدارت المفتاح في القفل.
في هذه الأثناء أحست قطة الرّماد وأختها الوسطى بالقلق ،
فالمفروض أن تكون الكبرى معهم الآن ، لا بد أن مكروها وقع لها.
إقتربت قطة الرّماد من النافذة بحذر شديد وشاهدت الغولة تفرغ الجراب وتقول بغضب :
لقد أفسدت عشائي هذه اللئيمة ، يجب أن أعيد إعداد مائدتي من جديد ، سيغضب زوجي إن أتى وشاهد هذه الفوضى.
رجعت البنت باكية إلى أختها وقالت لها : ضاع العشاء وضاعت أختنا الكبرى ،
لقد قبضت عليها الغولة ونحن الآن في وضع سيء.
بعد لحظات شاهدن رجلا ضخما بشع المنظر يقترب من القصر ثم يطرق الباب ،
قالت قطة الرماد : لا شك أنه زوجها ، سأقترب من النافذة وأسترق السمع.
يتبع ..