قصص منوعة

كانت هنالك زوجة تفيض مشاعرا وأحاسيس

كانت هنالك زوجة تفيض مشاعرا وأحاسيس ، وبكل موقف حتى وإن لم يستدعي الرومانسية ، كانت تؤلف أبيات شعر لزوجها ، أو تتكلم معه بطريقة أدبية ،

مما جعله تدريجيا يضيق ذرعاً منها.

فهو الرجل العملي الذي تعتمد حياته كلها على الأرقام والصفقات والعقود لطبيعة عمله ،

وهي كونها كاتبة شعر وروايات ، لا تَكُفُّ عن الكلام الأدبي ، فذات مرة سألته حال عودته من العمل :

ما الذي يؤلم الرجل أكثر ، الغيرة أم الاشتياق؟
فردّ بعد أن رمقها بنظرة ضيق : الجوع.

فأسرعت وحضَّرت الطاولة ، ثم قالت له أثناء تناوله الطعام :

إنّ اللقيمات تدخل إلى معدتك ، كبذورٍ تُزرَعُ في أرضٍ ، فتنبتُ ذكاءً يشعُّ من عينيك.

رمقها بنظرة غضب قائلاً : إنَّ دماغكِ مبرمجٌ على الشعرِ والكتابة ، حتى وإن مُتُّ ستغتنمين الفرصة وتكتبين ديوان رثاء ،

ورواية عن فقدان الحبيب ، ارحميني من كتاباتك.

علقت اللقمة في حلقها ، وقالت : لم أعلم أنَّ أدبي كالشوكة في حلقك.

تزوجتكِ من قبل أن تصبحي كاتبة ، ولو أعلم أنكِ ستصبحين كاتبة شرهة للكتابة بعد زواجنا لما تقدمت لخطبتكِ من الأساس ،

فأنا رجل عملي ولا أجد نفسي بين صفحات الكتب.

عزيزي ، حتى لو كنا مختلفَيْن فنحن نُكَمّل بعضنا.

فردَّ ولأول مرة بمقولة أدبية دون أن يعي : كما قال جلال الدين الرومي : إنَّ المرء مع من لا يفهمه مثل السجين ،

وأنتِ لا تفهمين طبيعة عملي التي تجعلني لا أحب الإبحار في عالم الكتب والروايات مثلكِ ، ولا أحب سماع أي شيء أدبي.

إقرأ أيضا: قبل العيد اقتنيت فستانا جديدا

فرَدَّت ضاحكة : أرأيتَ يا عزيزي لقد بدأت عدوى الأدب تنتقل لك ، فأيَّاً كان من نعاشر ،

سنأخذُ من صفاته لا محالة ، بدليل أنك تحدثت مثلي ، وما أجمل أن يكون نصفك الذي لا يشبهك جميل الروح والعقل.

فأنت تغوص بعالم الأرقام والعقود والصفقات التي لا تروقني سماع تفاصيلها ، وبرغم ذلك أنصتُ لكَ عندما تتحدث بها ،

عدا عن جديَّتك في الكلام ، التي تصل أحياناً إلى العبوس.

وحتى بالأحاديث المرحة التي تجبر أيّ شخص على الضحك ، لكنك عند سماعها أراكَ بالكاد تبتسم.

1 3 4 10 1 3 4 10

وهذا ما يعاكسني ، فأنا أحب الحديث بعفويّة والضحك على الأحاديث المضحكة ، عدا عن قلة كلامك ،

وهذه الصفة بالذات ليست موجودة بي إطلاقاً فأنا أحب أن أتكلم كثيراً ولا أحب الصمت ،

ومع ذلك فإنَّ اختلافكَ عني يجذبني لك ، ويجعلني أراك رجلاً وسيماً بعقله وروحه.

فالصفات التي لا تشبهك بالشريك لا يشترط أن تجعلك تنفر منها طالما أنها غير مؤذية.

نظر لها بابتسامة ثم قال : أنتظر سماع قصيدتكِ التالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?