كان عبدالله بن المبارك يحج عاما ويغزو في سبيل الله عاما
كان عبدالله بن المبارك يحج عاما ويغزو في سبيل الله عاما ،
وفي العام الذي أراد فيه الحج ، خرج ليلة ليودع أصحابه قبل سفره ،
فوجد إمرأة في الظلام تنحني على كومة من القمامة تفتش فيها حتى وجدت دجاجة ميتة ،
فأخذتها وانطلقت لتطهوها وتطعمها صغارها!
فتعجب إبن المبارك ونادى عليها قائلا : ماذ تفعلين يا أمة الله؟
وذكرها بالآية (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ)!
فقالت له : يا عبد الله ، أترك الخلق للخالق! فلله تعالى في خلقه شئون.
فقال لها إبن المبارك : ناشدتك الله أن تخبريني بأمرك.
فقالت المرأة له : أما وقد أقسمت عليّ بالله ، فلأخبرنَّك : إن الله قد أحل لنا الميتة ، وأنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات ،
ولا يوجد من يكفلنا ، وطرقت أبواب الناس فلم أجد للناس قلوبا رحيمة.
فخرجت ألتمس عشاء لبناتي اللاتي أحرق لهيب الجوع أكبادهن فرزقني الله هذه الميتة ، أفمجادلي أنت فيها؟!
وهنا بكى عبدالله إبن المبارك ، وقال لها : خذي هذه الأمانة وأعطاها المال كله الذي كان ينوي به الحج ،
وعاد إلى بيته ولازمه طوال فترة الحج فلم يخرج منه.
وخرج الحجاج من بلده فأدوا فريضة الحج ، ثم عادوا ،
وذهبوا لزيارته في بيته ليشكروه على إعانته لهم طوال فترة الحج ، فقالوا له :
رحمك الله يا ابن المبارك ما جلسنا مجلسا إلا أعطيتنا مما أعطاك الله من العلم ،
ولا رأينا خيرا منك في تعبدك لربك في الحج هذا العام!
إقرأ أيضا: تفسير عبارة اللهم إنك عفو تحب العفو
تعجب إبن المبارك من قولهم ، واحتار في أمره وأمرهم ، فهو لم يفارق البلد ، ولكنه لا يريد أن يفصح عن سره.
فنام ليلته وهو يتعجب مما حدث ، وفي المنام رأى رجلا يشرق النور من وجهه يقول له :
السلام عليك يا عبدالله ألا تدري من أنا؟
أنا “محمد رسول الله” أنا حبيبك في الدنيا وشفيعك في الآخرة ، جزاك الله عن أمتي خيرًا..
يا عبد الله بن المبارك لقد أكرمك الله ، كما أكرمت أم اليتامى ، وسترك كما سترت اليتامى ،
إن الله سبحانه وتعالى خلق ملكا على صورتك ، كان ينتقل مع أهل بلدتك في مناسك الحج ،
وإن الله تعالى كتب لكل حاج ثواب حجة ، وكتب لك أنت ثواب سبعين حجة رغم أنك لم تغادر بيتك.