كان يا مكان في أحد الإسطبلات مجموعة من الحمير
كان يا مكان في أحد الإسطبلات مجموعة من الحمير وذات يوم أضرب حمار عن الطعام مدة من الزمن ،
فضعف جسده وتهدلت أذناه وكاد جسده يقع على الأرض من الوهن.
فأدرك الحمار الأب أن وضع إبنه يتدهور كل يوم ، وأراد أن يفهم منه سبب ذلك ،
فأتاه على إنفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التي تزداد تدهورا.
فقال له : ما بك يا بني.
لقد أحضرت إليك أفضل أنواع الشعير ، وأنت لا تزال رافضا أن تأكل ، أخبرني ما بك.
ولماذا تفعل ذلك بنفسك ، هل أزعجك أحد.
رفع الحمار الإبن رأسه وخاطب والده قائلا :
نعم يا أبي ، إنهم البشر.
دهش الأب الحمار وقال لإبنه الصغير :
وما بهم البشر يا بني.
فقال له : إنهم يسخرون منا نحن معشر الحمير.
فقال الأب وكيف ذلك.
قال الإبن : ألا تراهم كلما قام أحدهم بفعل شيء يقولون له يا حمار.
وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار ، أنحن حقا كذلك.
يصفون أغبياءهم بالحمير ، ونحن لسنا كذلك يا أبي ، إننا نعمل دون كلل أو ملل ونفهم وندرك ، ولنا مشاعر.
عندها إرتبك الحمار الأب ولم يعرف كيف يرد على تساؤلات صغيره وهو في هذه الحالة السيئة ،
ولكن سرعان ما حرك أذنيه يمنة ويسرة ثم بدأ يحاور إبنه محاولاً إقناعه حسب منطق الحمير.
إقرأ أيضا: قصص واقعية اللي اختشوا ماتوا
أنظر يا بني إنهم معشر البشر خلقهم الله وفضلهم على سائر المخلوقات لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيرا ،
قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشر الحمير بالإساءة.
فانظر مثلا ، هل رأيت حمارا خلال عمرك كله يسرق مال أخيه ، هل سمعت بذلك.
هل رأيت حمارا يعذب بقية الحمير ليس لشيء إلا لأنهم أضعف منه أو أنه لا يعجبه ما يقولون.
هل رأيت حمارا عنصريا يعامل الآخرين من الحمير بعنصرية اللون والجنس واللغة.
هَل سمعت عن قمة حمير لا يعرفون لماذا مجتمعين.
هل سمعت يوماً ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب! من أجل الحصول على الشعير.
هل رأيت حمارا عميلا لدولة أخرى ويتآمر ضد حمير بلده.
هل رأيت حمارا يفرق بين أهله على أساس طائفي.
طبعا لم تسمع بمثل هذه الجرائم الإنسانية في عالم الحمير !
ولكن البشر هل يعرفون الحكمة من خلقهم ويعملون بمقتضاها جيدا.
لهذا يا ولدي أطلب منك أن تحكم عقلك الحماري ، وأطلب منك أن ترفع رأسي ورأس أمك عاليا.
وتبقى كعهدي بك حمار إبن حمار.
واتركهم يا ولدي يقولون ما يشاؤون ،
فيكفينا فخرا أننا حمير
لا نكذب ، لا نقتل ، ولا نسرق.
ولا نغتاب ، ولا نشتم ،
لا نرقص فرحا وبيننا جريح وقتيل.
أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول :
نعم سأبقى كما عهدتني يا أبي ، سأبقى أفتخر أنني حمار إبن حمار.