كلنا يبكي فمن سرق المصحف؟
يروي أن أحد الصالحين صلى بالناس إماما ذات ليلة ، وعقب الصلاة ألقى على المصلين موعظة جليلة بكت منها العيون ووجلت منها القلوب وتأثرت بها الأفئدة.
فلما فرغ الإمام من موعظته بحث عن مصحفه فلم يجده فعلم أنه سُرِقَ ،
فدقق النظر في الحاضرين عله يعرف السارق بسكونه حيث الناس مضطربون وبجمود مقلتيه حيث القوم باكون.
لكن العالم الجليل فوجئ بالجميع بُكيًا خاشعين ، فتعجب مما رأى وطرح سؤاله عليهم قائلًا :
كلكم يبكي ، فمن سرق المصحف؟
لازال هذا التساؤل مطروحًا بيننا ، ولا زال السؤال مشرعًا :
كلنا يبكي فمن سرق المصحف ؟ وكلنا أئمة هدى ، فمن العاصي ؟
كلنا أهل كرم ونخوة ومروءة ، فمن المقصر ؟
يا سادة : صفحاتنا على مواقع التواصل كلها أدعية وأذكار وأوراد ، فأين الجُناة ؟
جميعنا يقول : اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ،
وعينُ كل داعٍ منا على غير نفسه.
ربنا لا يُخدَعُ .
ربنا لا يُغَشُّ .
وربنا لا يدلَّسُ عليه.
لذا : إن لم تنضبط سلوكياتنا حق الإنضباط ، وإن لم نرجع لله حق الرجوع ، إن لم نتخلى عن رذائل الأمور حق التخلي ،
وإن لم نتوب إلى ربنا حق التوبة ، فإسلامنا الشكلي في ميزان سيئاتنا.